علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

تبصرة المتقين بتناقض المحدثين:

صفحة 194 - الجزء 1

  أهل البيت، ولا يعملون بمقتضاها بل يجعلون محبتهم قدحاً وجرحاً، وقد عرفت ذلك فيما تقدم. وقد أحسن القاضي العلامة أحمد المسوري⁣(⁣١) عندما قال: (إني لأكثر التعجب، وماعشت أراك الدهر عجباً - من رجل عالم بمصادر الأمور ومواردها، وكيفية الاستدلال ومقاصدها، ودلالات الألفاظ على معانيها، وتراه وَهِمَ كثيراً، وماذاك إلا لإرادة الله ø إظهار الحق على ألسنتهم وأيديهم حجة عليهم، وإن رامُوا إنكارها - يوردون ويروون عن الله ø وعن رسوله ÷ - تلك الأدلة والنصوص والقواطع في حق أهل البيت عليهم الصلاة والسلام علي الخصوص، مما لايمكن دفعه لفظاً ولامعنى، ولا سنداً ولامتناً، حتى إذا استنتجت منه فائدتها، وطلبت منه عائدتها بوجوب اتباعهم الذي هو مقتضاه في علم أو عمل أنكر وبرطم، ولوي عنقه وتهجم، إن ذكرت عنده خلافتهم رآها نكراً، أو رأى من يتابعهم في مقالة أو مذهب عده مبتدعاً، أو سمع بقراءة في كتبهم ومؤلفاتهم اتًّخذها هزؤاً ولعباً. فما أدري ما أبقى لهم من معاني تلك الأدلة والنصوص، وأي فضل ترك لهم على الناس؟! إذ أوجب عليهم أن يكونوا تبعاً، والله قد جعلهم متبوعين ومؤخرين، والله قد جعلهم مقدمين!

  وَأَجل النظر فيما تجده من كتب كثير من محدثي العامًّة وفقهآئها فلا تلقاها إلا على هذا النهج، متى كان الباعث هو مجرد التأليف والتصنيف وجمع الحديث والترصيف، حَسَرَ اللَّثام، وأبان الكلام وما ترك باباً إلا قصده، ولامسموعاً أو معقولاً إلا أورده، فإذا كان المقصود هو اعتقاد مقتضي تلك الأدلة والعمل به، زاغ عنها وتبرأ منها، ونسي ما كان منه فيها،


(١) تقدمت ترجمته.