موقف نصوص القرآن من الإسرائيليات:
موقف نصوص القرآن من الإسرائيليات:
  قال الإمام الشافعي ¦ في مقدمة كتاب «الرسالة» (ص ٩): إن الله تعالى بعث سيدنا محمداً ÷ والناس صنفان: «أحدهما: أهل كتاب، بدلّوا من أحكامه وكفروا بالله، فافتعلوا كذباً صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أنزل إليهم. فذكر تبارك وتعالى لنبيّه من كفرهم فقال: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٨}[آل عمران: ٧٨]. ثم قال: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ٧٩}[البقرة: ٧٩].
  وقال تبارك وتعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٣٠ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٣١}[التوبة: ٣٠ - ٣١]، انتهى ما قاله الإمام الشافعي ¦.
  ومن الآيات الأخرى المتعلقة بهذا الموضوع أيضاً قول الله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٥}[البقرة: ٧٥]، وقال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} إلى قوله تعالى: {وَطَعْنًا فِي الدِّينِ}[النساء: ٤٦].
  وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا}[المائدة: ١٣].
  وقال تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا}[الأنعام: ٩١].
  فمن وصفهم الله تعالى بأنهم: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٥}، وأنهم: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}، ويخفون أكثر التوراة ويحرفونها، ويأتون بما هو من عندهم وليس من عند الله! هل يجوز أن نروي أو نحدِّث عنهم؟ وهل يدخل في العقل أن النبي ÷ يقول بعد كل هذه الأوصاف التي وصفهم الله تعالى بها: «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»؟!.
  سنجيب على هذا الإشكال إن شاء الله تعالى وهو جدير بالإهتمام والجواب المفصَّل! فنقول ومن الله الإعانة والتوفيق واللطف:
  (أولاً): لا بُدَّ أن نبيّن بأنَّ هناك طائفتين من الناس نقلوا الإسرائليات أو التوراة المحرَّفة أو ما يسمى بالكتب القديمة لهذه الأمة! لنبين بطلان تلك الأفكار المنقولة من تلك المصادر وما يتعلّق بهذه القضية.