الفصل الثالث خبر الآحاد من حيث القوة والضعف
  على العمل بها في العمليات سواء حصل الظن أم لا، ألا ترى أنه لا يقبل خبر فاسق التصريح وكافره إجماعاً، ولا التأويل على الحق من كون عدم العدالة سلب أهلية وإن أفاد الظن، ويجب قبول خبر العدل الضابط وإن لم يحصل الظن وإن كان بعيداً والمقصود تصوير الإنفكاك، وإلا فلو كان بينهما تلازم ذاتي لم يوجب أن التعويل على الظن، بل على ذلك المظنون وبينهما فرق يعرفه العالمون.
  وانظر بثاقب نظرك وصافي فكرك هل سمعت كتاب الله ذكر الظن إلا بالنعي على أهله والذم، وهل طلب غير اليقين والعلم {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥٢}[النمل: ٥٢].
  فإن قيل: فإن الظن مأخوذ به في أبواب لا يستند فيها إلا إلى أمارات كمواضع من القياس وتقدير أروش الجنايات وتقدير المتلفات.
  قيل: يمكن الجواب أن الشارع علق الأحكام فيها على حصول الأمارات لا لأجل الظن سلمنا فمع قيام الدليل القاطع أن الأحكام معلقة فيها على الظن فتخص هي لا غيرها، ويبقى ما عداها على مقتضى دليل العموم فتأمل ..
  رجعنا إلى كلام الإمام، قال #: وهذا الصحيح الأخذ به عرضاً على قوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، والتعميم والتخصيص نوع من البيان اللغوي، حتى قال: والقسم الخامس: ما لا يمكن عرضه ولا يوجد في الكتاب العزيز ما يبطله ولا ما يصحه.
  قلتُ: اراد الإمام # أنه لم يوافق لأن الموافقة المماثلة والمشاكلة، ولم يخالف لأن المخالفة المعارضة والمناقضة، ومن لم يحسن النظر في معنى الخبر الشريف توهم حصر ما في السنة على موافقة الكتاب أو مخالفته، ومن هنا أتي