علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الثالث خبر الآحاد من حيث القوة والضعف

صفحة 54 - الجزء 1

  الأصل من كون العلم فيها هو المراد {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}⁣[الإسراء: ٣٦] {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس: ٣٦]، ولم يبقى تحت النهي إلا مسائل الأصول، وإلا عريت عن الفائدة، وذلك خلاف المعقول والمنقول فكيف ينهى عن إتباع الظن ويذمه لنا، ثم يتعبدنا به تعالى الله عن هذا المقول.

  وللإمام رضوان الله عليه تحقيق في هذا المقام يستشفى به من الأْورام أورده في جواباته على علماء ضحيان، وفي أثناء الدعوة المسماة بالموعظة الحسنة. نعم والتحقيق أن العلم هو المطلوب في الأصول والفروع كما دلت عليه أدلة المعقول والمسموع، وقد خصصت بعدم طلب العلم في بعض المسائل العملية التي لم يقم عليها قاطع، لما علم أن الرسول ÷ كان يبعث بالآحاد في تبليغها وعمل الصحابة بها مستندين إليها، وفيهم هادي الأمة ووليها والقائم بما قام به نبيها باب مدينة العلم من هو مع الحق والقرآن والحق والقرآن معه، فخصص بتلك العمليات نحو قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦]، وأما تأويل العلم والظن وحملهما على خلاف حقيقتهما لغير دليل فإنه بلا ريب تحريف وتبديل، والعقل يرده والإتفاق بيننا وبينهم في العلميات يحجه.

  هذا ومن أعطى النظر حقه، ولم يملك التعصب والتقليد رقه، فلا يتحقق لديه أن الشارع جعل الظن مناطاً لشيء من الأحكام، ولا معتمداً في حل ولا إبرام والأصل بقاؤه على عمومه {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس: ٣٦]، إذ لا موجب للإخراج، وليس التعبد بالآحاد ونحوها يوجب الإعتماد عليه، وإن كان الظن ملازماً لها في الأغلب، بل قام الدليل القاطع