علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الثالث خبر الآحاد من حيث القوة والضعف

صفحة 57 - الجزء 1

  وجهان:

  أحدها: أن يكون من المشاكلة، وهو أنه تقدم قوله فما وافقه ... إلخ. شاكله بقوله: وما لم يوافقه. والعلاقة بين عدم الموافقة والمخالفة الاطلاق والتقييد، لأن عدم الموافقة يصدق بالمغايرة مطلقاً، سواء كان ثم مباينة ومعارضة أم لا، والمخالفة لا تصدق إلا بالمغايرة مع المباينة والمعارضة.

  وثانيهما: أن يكون من المجاز المرسل من أول وهلة والعلاقة ما بينهما من الإطلاق والتقييد، فهذان طريقان مسلوكان في اللسان مأهولان عند أهل البيان، وإن رمت النظر في إعمال الخبر على مقتضى قواعد الأصول، فلك أن تقول قوله ÷: «وما لم يوافقه فليس مني» مطلق، لأنه صادق مع المصادمة وعدمها، وقوله ÷: «وما خالفه» مقيد، لأنه لا يصدق إلا مع المصادمة، فيحمل المطلق على المقيد، وكذا ما ورد من هذا الباب فإنه من نسج ذلك الجلباب)⁣(⁣١).

  والخلاصة:

  إن الزيدية لم يأخذوا إلا بالأقوى والأسلم في قبول الأخبار ومن خلال الإستعراض المتقدم لأقوال أئمتها نرى أنهم:

  ١ - أخذوا بالمتواتر كونه معلوم الصحة ولا إختلاف فيه بين جميع الأمة.

  ٢ - أخذوا بالمتلقي بالقبول الذي أجمعت عليه الطوائف وهو صحيح لقول الرسول ÷ (لا تجتمع أمتي على ضلالة)⁣(⁣٢) ولقوله:


(١) انظر كتاب مجمع الفوائد: ٢١ - ٢٦.

(٢) رواه الحاكم في المستدرك ١١٥/ ١، والترمذي ٣١٥/ ٣ وغيرهما.