مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[معنى: ثم استوى على العرش]

صفحة 274 - الجزء 1

  

  الحمد لله فاطر السموات والأرض، مفضل بعض مفطور خلقه على بعض، بلوى منه تعالى للمُفَضَّلِين بشكره، واختباراً للمفضولين بما أراد في ذلك من أمره؛ ليزيد الشاكرين في الآخرة بشكرهم من تفضيله، وليذيق المفضولين بسخطٍ إن كان منهم في ذلك من تنكيله، ابتداء في ذلك للفاضلين بفضله، وفعلاً فعله بالمفضولين من عدله، يقول الله جل ثناؤه⁣(⁣١) وتباركت بقدسه أسماؤه: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}⁣[الأنبياء]، وقال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٨}⁣[القصص]، ويقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ١٦٥}⁣[الأنعام]. ويقول تبارك وتعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١}⁣[الإسراء]، ويقول سبحانه: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٣٢}⁣[الزخرف]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ٧٠}⁣[الإسراء]، وقال تبارك وتعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ١٣}⁣[الجاثية]، ويقول سبحانه: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٢}⁣[النحل]. والحمد لله رب العالمين الذي جعلنا من أبناء المرسلين، الذين اختصهم بصفوة تفضيل المفضلين،


(١) في (نخ): تبارك وتعالى وتقدست أسماؤه.