مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الاعتقاد

صفحة 315 - الجزء 2

الاعتقاد

  وعلى من قام من الرجال أو النساء لصلاة واحدة أو أكثر منها أن يتوضأ لها كلما قام إليها أبدا، وهي وإن اجتمعت فإنما فرض الله فيها وعند القيام لها وإليها على من يريد أن يصليها وضوءاً واحدا، فإن هو فرق بين قيامه لصلاته بإقبال أو إدبار في شيء من حاجاته انتقض عليه بذلك عقد وضوؤه لصلاته وطهارته، ولزمه الوضوء كلما قام إلى شيء مفروق أو مجموع من صلواته، وإن ثبت بعد الوضوء في مسجد من مساجد الله أو بيت من بيوت ذكره فهو ما ثبت فيه وأقام أبدا ثابت على وضوئه وطهره، لأنه إذا كان كذلك فهو قائم إليها، منتظر لها بعد ومقبل عليها.

  ألا ترى كيف يقول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٩}⁣[الجمعة]، فما أمر الله به من السعي إلى ذكره والجمع فهو قبلها.

  ومن القيام إلى الصلاة قعود من قعد لها منتظرا أو عليها مقبلا، ولم يكن بغيرها من أمور الدنيا عنها مشتغلا، فهو قائم في ذلك - وإن طال - إليها، وكأنه بذكره لله في ذلك قد دخل فيها، فوضوؤه أبدا ما كان كذلك وعلى ذلك غير منتقض، وهو في ذلك مؤدي لما عليه من الطهارة لها من الفرض، فهذا فيما به قلنا وما به في قولنا استدللنا.

  وأوجبنا اللباس في الصلاة على كل مصل، وحرمنا على كل من صلى من المؤمنين كل تعرٍّ، بدت منه عورة مستورة، أو ظهرت معه فيه منه عورة، لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ٢٦}⁣[الأعراف].