مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القول في النفاس

صفحة 320 - الجزء 2

  من الدماء هو المسفوح بعينه، وأن الله سبحانه بين ذلك وشرحه بحكمته وتبيينه - لما خلا الرسول للمسلم⁣(⁣١) ولا غيره ممن أكل لحما أن يكون في أكله له معه دما، لأنه ليس من لحم قليل ولا كثير لا من الأنعام ولا من الطير إلا وبين أضعافه لا محالة دم، فسبحان من حكم فيه حكم من يعلم.

  فلم يحرمه تبارك وتعالى منها تحريما مبهما، فيكون بذلك لما أحل من بهيمة الأنعام محرما، فيتناقض أمره فيه وحكمه، ولا يفهم عنه محلله أو محرمه، ولكنه فرق بينه سبحانه ففصله، ونزل كل حرام منه وحلال منزله، وليس في شيء منه تقصير ولا فرط، ولا يعرض لأحد مع حسن نظر فيه حيرة ولا غلط، فقال سبحانه: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}⁣[الأنعام: ١٤٥]، فبين تحريمه فيه بيانا مشروحا، فهذا ما به فرقنا بين قليل العذرة والبول، وله ومن أجله صرنا فيه إلى ما صرنا إليه من القول. وكل شيء من الدماء كلها وإن قل كان في عضو من أعضاء الوضوء غسل ذلك كله أو مسح حتى ينقى منه جميع ذلك العضو، فلا يرى منه فيه أثر، ولا يبقى فيه منه دنس ولا قذر، لأن الله سبحانه أمر بغسله، فأوجب الغسل الذي هو الإنقاء على كله.

القول في النفاس

  وأوجبنا الغسل في النفاس كما أوجبنا في الحيض سواء، لأن النفاس محيض وإن اختلف به وفيه الأسماء.

  وقد ذكر عن النبي ÷ في المحيض واختلاف أسمائه أنه قال لمرة كانت


(١) لم تتضح العبارة في المخطوط، وهذا أقرب ما فهمناه منها.