مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الكلام في الدم

صفحة 319 - الجزء 2

  إذنه في رفعها وبنائها، فلو كان ما أذن الله في رفعها منها كما لم يأذن فيه لكان ذكر الإذن منها فضلا لا يحتاج إليه، وكان سواء فيها أذن أو لم يأذن فيه لكان ذكر الإذن منها فضلا لا يحتاج إليه، وكان سواء فيها أذن أو لم يأذن، وكان ما بين من ذلك كما لم يبين، فلما لم يأذن سبحانه لأحد في رفع المسجد الحرام كان محرما فيها - فضلا عن الصلاة - كل دخول أو قيام.

  ومن ذلك ما نهى رسول الله ÷ عن أن يقوم في مسجد الضرار إذ بني مخالفة لله سبحانه وعصيانا. ولقد كان ما ذكرنا من هذا الباب قبل ما نزل من وحي الكتاب، وأن في الجاهلية منه لرسماً أصابوه فكرة أو تعلما، فقالوا قريش عندما أرادوا من بناء الكعبة: لا تخرجوا فيما أردتم من بناء بيت ربكم إلا نفقة طيبة، فاجمعوا فيما تريدون من بنائه من كل مال زكي، ونقوه من كل ظلم ومن أجر كل بغي.

الكلام في الدم

  وأوجبنا في الدم إذا سال أو قطر أن يتوضأ منه من أصابه ذلك ويتطهر، لمشابهته في تحريمه وخروجه من الأبدان المتطهرة لما يجب به الوضوء إذا خرج من مخرج البول والعذرة، وكذلك كل ما حرم من هذه الأشياء كلها على كل آكل أو شارب شربه أو أكله وجب على كل متطهر لله في صلاة أو موقفٍ طهارتُه وغسلُه.

  فإن قال قائل: فما بالكم لم توجبوا الوضوء في قليله كما أوجبتموه في قليل البول وكثيره؟ قلنا: للتبيين بحمد الله المنير، ولأوضح بيان قيل بمثله في تفسير؛ لأن الله سبحانه حرم قليل البول وكثيره، فألزمنا كل من توضأ غسله وتطهيره، وأنه لم يحرم من الدم إلا ما كان مسفوحا، فكفى في هذا فيما فرقنا بينه وضوحا. والمسفوح من الدماء، من كل ما سال أو قطر أو جرى فتحدر، فلولا أن المحرم