مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القول في الماء القليل

صفحة 325 - الجزء 2

  وإتماماً للنعمة عليهم.

  وقد قال غيرنا: إن من وجد برذعة حمار، أو كان في بيت مبلط بزجاج أو رخام تيمم أي ذلك وجده، فمسح بوجهه ويديه، وكان ذلك مؤديا عنه لفرض الله في الطهارة عليه، وهذا خلاف لما أمر الله به من تيمم الصعيد لا يخفى، وقول لا يقول به إلا من جهل وجفا، ولو جاز أن يتيمم بما هو غير الصعيد - لا يشك فيه - من هذه الأشياء لجازت الطهارة بخلاف ما أمر الله به من الوضوء بالماء؛ لأن خلاف ما بين الماء وغيره من الأشياء ليس بأكثر في المخالفة من خلاف الصعيد للرخام والحديد، فإن جاز أن يتيمم بخلاف الصعيد جاز أن يتوضأ بما هو مخالف للماء من كل ما كان له مخالفا من لبن أو غيره، ثم يكون بذلك مؤديا لما عليه من كل عضو وضاه به من تطهيره.

القول في الماء القليل

  ومن سأل عمن كان معه ماء قليل لا يكفيه ما الذي يجب لله في ذلك من الطهارة عليه؟

  قيل: يجب عليه فيما وجد من الماء أن يتوضأ به ما كانت له فيه كفاية من الأعضاء، يبدأ في ذلك بما قلنا من يمنى كفيه، ثم بالأول فالأول مما يجب في الطهارة عليه، فإذا أكمل غسل وجهه ويديه وأتمه فليس له أن يتمسح من صعيد ولا أن يتيممه، وإنما له أن يتيمم الصعيد ما لم يكن الماء عنده، فإذا حضره الماء ووجده فإنه يلزمه بوجوده للماء فرض الطهارة به والوضوء، لأن الله سبحانه فرض الطهارة بالماء إذا وجد على كل عضو، فما وجد لعضو منها كلها ماء لم تكن له بغيره طهارة ولا اكتفاء.