مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة العلق

صفحة 105 - الجزء 2

تفسير سورة العلق

  

  سألت أبي رحمة الله عليه عن تفسير: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢}.

  فتأويل {اقْرَأْ} فهو أن يقرأ، وتأويل اسم ربه الذي أمر أن يقرأ به فهو: ، الذي قدم له في تعليمه كل سورة عند الإقراء له والتعليم.

  وربه: فهو الله الذي خلق خلقه، فخلق الإنسان من علق إذا ما خلقه، والعلق: فهو الدم الأحمر المؤتلق، الذي يتلألأ لشدة حمرته ويبرق، فيما ذكره الله سبحانه من علق الدم، وخلق الناس كلهم غير آدم وحواء، فإن حواء خلقت من آدم، وخلق آدم من تراب، فلم يخرج آدم وحواء من بين ترائب وأصلاب كما خرج من بين الصلب والترائب غيرهما، ولكنه كان من الله سبحانه ابتداؤهما وتدبيرهما من غير أصل مقدم من أب ولا أم، وكان ما بين ذلك من التباين والفرق في الصنع والفطرة والخلق؛ إذ خلق آدم من تراب، وخلق نسله من علق من أعجب العجائب، وأدل الدلائل على قدرة الخالق على ما خلق مما يشاء أن يخلقه جلَّ ثناؤُهُ من الخلائق، وعلى أن قدرته سبحانه فيما يخلق من خليقته واحدةٌ غير متشتتة ولا متفرقة، على أقدار ما يرى من افتراق البدائع، والخِلَقِ المفطورة والصنائع، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٤٠}⁣[النحل]، فأخبر سبحانه أنه لا يختلف عليه في قدرته البدائع والكون، وأن قدرته في ذلك كله لا تتفاوت وإن تفاوت الخلق المبتدع المتفاوت.

  ثم أمر تبارك وتعالى رسوله بالقراءة باسمه أمراً مثنى، وكل ذلك فواحد في