[الرد على افتراءات القدرية]
  ذلك بقوله في الإنسان: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}[البلد]، هما طريقا الخير والشر فيما سمعنا يقول سبحانه: بَيَّنا له الطريقين يسلك طريق الخير ويجتنب طريق الشر، وقال تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ٢٣}[النجم]، وقال ø: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ١٢}[الليل]، وقال جل ثناؤه: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ٣}[الأعلى]، وقال تبارك وتعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ}[النحل: ٩]، وقال سبحانه: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت: ١٧]، وقال لنبيه ~ وعلى آله: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ٥٠}[سبأ]، فأمر نبيه ÷ أن ينسب ضلاله إن كان منه إلى نفسه، والهدى إلى ربه تبارك وتعالى، وقد علم الله جل ثناؤه أن لا يكون من نبيه ضلالة أبداً، وأن لا يكون منه إلا الهدى، وإنما أمر بذلك تأديباً لخلقه، وأن ينسبوا ضلالتهم إلى أنفسهم، وينزهوا منها ربهم، وأن ينسبوا هداهم إلى ربهم الذي بهم اهتدوا، وبعونه وتوفيقه رشدوا.
[الرد على افتراءات القدرية]
  والقدريون المفترون يكرهون أن ينسبوا الضلالة إلى أنفسهم والفواحش، ولا يقرون أن الله جل ثناؤه ابتدأ عباده بالهدى ولا بالتقوى(١) قبل أن يصيروا إلى هدى وتقوى، خلافاً لقوله، ورداً لتنزيله، وإبطالاً لنعمه، وهو يقول جل ثناؤه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، يأمرهم بالتقوى إذ كانوا لها
(١) قوله #: «ولا يقرون أن الله جل ثناؤه ابتدأ عباده بالهدى ولا بالتقوى»: أي: لا يقرون أن الله تعالى أراد لعباده الهدى والتقوى، وأنه خلقهم للهدى والتقوى، ولكن من صار إلى الهدى والتقوى قالوا حينئذ أراد الله له الهدى والتقوى. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).