مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[وجوه التوبة وتفسيرها]

صفحة 222 - الجزء 1

  يعني: المتطهرين من الذنوب، فمن أحبه الله لم يعذبه، وكان من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وكان من أهل الجنة لا شك فيه. وكذلك أخبر تبارك وتعالى عن ملائكته: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ٧ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}⁣[غافر]، والله جل ثناؤه لا يخلف الميعاد.

[وجوه التوبة وتفسيرها]

  فالتوبة لها وجوه وتفسير، فكل ذنب بين الله وبين عباده وإمائه نحو الزنا، وشرب الخمر، وإتيان الذكران بعضهم بعضاً، وإتيان النساء بعضهن بعضاً، واستماع محارم اللغو واللهو والعكوف عليها، وقول الزور، وقذف أهل الإحصان من الرجال والنساء بالرفث والخناء والفجور، والكذب، والمرح، والخيلاء، والكبرياء، والرياء، والعجب، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والنظر إلى ما لا يحل من العورات وغيرها، والفرار من الزحف لا بتَحَرُّفٍ إلى قتال ولا بتحيُّزٍ إلى فئة، والكذب والغيبة والنميمة، وما أشبه ذلك من الذنوب، ومعاداة أولياء الله، وموالاة أعداء الله - فالتوبة من ذلك كله بالندم⁣(⁣١) على ما مضى، والاستغفار بالقلب واللسان بلا إصرار، والعزم أن لا يعود إلى شيء من ذلك أبداً، قليلاً ذلك أو كثيراً.

  وأحب إلينا أن ينظر إلى ما كان أذىً لمسلم أو معاهد فيستحله ويعتذر إليه منه ويرضيه، وكل ذنب كان بين العبد وبين الناس مسلمهم ومعاهدهم، من سرقة، أو ربا في أموالهم، أو أخذِ⁣(⁣٢) مالٍ بغير حق في جناية⁣(⁣٣)، أو غصب، أو إدخال


(١) في (أ): الندم.

(٢) في (أ): وأخذ.

(٣) في (أ): في حياته.