مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

ومن كلامه #

صفحة 306 - الجزء 2

  وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٧١}⁣[التوبة]، فوصف المؤمنين بصفة فيها لمن أراد معرفتهم أعرف المعرفة.

  فكيف يأمر بالمعروف من يميل عليه، أو ينهى عن المنكر من يدعو إليه، وهو مقيم ليله ونهاره فيه؟! وكيف يقيم الصلاة بحدودها في قيامها وركوعها وسجودها من شغله بأصغر دنياه أشغل له منها! ومن هو بأقل هواه معرض به عنها؟

  وكيف يُؤْتِي الزكاة من جعلها الله له مَنْ يغتصب كل مسكين نفسه وماله؟

  وكيف يطيع من هو مخالف، إلا في أقل القليل لله، لا كيف، إلا عند عمي جاهل لا يفرق بين حق وباطل. والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وعترته الطاهرين وسلامه.

ومن كلامه #

  

  وإنه ليجب على المؤمن في مدة الجبارين أن يكون حجة لله قوية، وساحته من معاونتهم على ظلمهم برية، وأن يكون الرزق أقرب متقربه، وأسرعه إلى الفراغ به، ليقبل قبل شغله، وما وكله الله به من عدله، ولكن لن يفلح أيام دنياه ويبلغ المفروض عليه من تقواه إلا من اتخذ الجوع أنسا، واستشعر العري لباسا، ووضع الصبر على البلوى أساسا، فأما من شأنه التفكه والرحيل، والطلب لها في كل مسلك وسبيل، ومن شغله اجتلاب أنواع الطرف، ومقامه مقام الجبار المترف - فهيهات هيهات من النجاة، غرق الشقي في بحر شقائه، فهو مضطرب بين أكناف أرجائه، فإقباله إلى الخير إدبار، ومقاربته من الحق نفار.