مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التوبة من القتل والجراحات]

صفحة 224 - الجزء 1

  وأدى إليهم أموالهم وزاد، فإن النفقة له في ذلك، فإن زاد كان له أجره، وإن نقص قليلاً لم يضره بعد أن يتعمد الوفاء، وذلك كله توبته إلى الله جل ثناؤه مما كان منه في ذلك مِن أخذٍ وحبس عن أهله، وهو عنده بندمٍ واستغفارٍ وعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك أبداً.

  فإن كان صار إليه مال من ناحيةِ ظالمٍ غاصب، وهو به عالم، بسبب معونة له في ظلمه، ودخول معه في غصبه، وأخذ ذلك هبة منه، وهو يعلم أن ذلك ظلم وغصب لغيره - فالتوبة مما أخذ من ذلك أن يخرجه من عنده، فيرده على أهله المغصوبين إياه، ولا يحل له أن يرد شيئاً من ذلك إلى الغاصب؛ لأنه ليس له.

  وإن كان أنفقه وليس عنده شيء منه كان ضامناً لرده إذا أمكنه على أهله، ويتوب إلى الله جل ثناؤه من إنفاقه.

  وأما ما كان من الربا فالتوبة منه ما وصفنا من الندم والاستغفار⁣(⁣١)، ويخرج كل فضلٍ فوق رأس ماله فيرده على ما وصفنا من رده على أهله إن عرفهم، وإلا فعلى ما وصفنا من رده لكل ما لزمه رده.

[التوبة من القتل والجراحات]

  وأما ما كان من قتل فلا توبة لقاتل المؤمن حتى يندم على القتل، ويستغفر الله منه، ويعزم على أن لا يعود إلى قتل أحد أبداً ظلماً، ويُمكِّن أولياء المقتول المؤمن من نفسه صابراً محتسباً، يقول لهم: إنه قتل صاحبهم ظلماً وعمداً وعدوناً، فإذا فعل ذلك فهو تائب لا شيء عليه من إثم القتل، فإن قتلوه تائباً بحق هو لهم فلا تبعة لهم عليه، ولا للمقتول لديه حق، وإن عفوا عنه فلهم أن يعفوا عنه؛ لأن الحق بعد المقتول لأولياء المقتول. ويعوض الله جل ثناؤه المقتول إذا كان مؤمناً صابراً، ألم تسمع إلى الله جل ذكره كيف يقول: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا


(١) في (أ): والاستغفار منه.