مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التوحيد الخالص]

صفحة 192 - الجزء 1

  

  الحمد لله على ما أسبغ علينا من نعمه، ومنَّ به علينا من إحسانه وكرمه، وبيّن لنا من الهدى، وأنقذنا من الضلالة والردى، بإقامة حججه وتواتر رسله، À، ومحكم آياته، وتفصيل بيناته؛ رحمةً لعباده، ودعاءً لهم إلى ثوابه، وإخراجاً لهم من عقابه: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ}⁣[النساء: ١٦٥]، و {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال].

  أما بعد، فإن الذي يجب على العبد أن يكون عاملاً بطاعة الله التي لا يقبل الله ø غيرها من طاعته إلا بأدائها، ولا يكون مؤمناً حتى يفعلها - أن يؤمن بالله وحده لا شريك له، ولا يتخذ معه إلهاً، ولا من دونه رباً ولا ولياً، وأن يؤمن بملائكة الله وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت، وبالحساب وبالجنة وبالنار، وبالجزاء بالأعمال، وأن الآخرة هي دار القرار، لا ينقطع ثوابها، ولا يبيد عقابها، ولا يموت فيها أهلها، وهم في جزائهم خالدون. ويؤمن بوعد الله جل ثناؤه ووعيده وإخباره، وبكل ما جاء به محمد ÷، مما أمر به ونهى عنه ~ من العمل بالمفروض بطاعة الله، والاجتناب لجميع معاصي الله، والولاية لأوليائه، والعداوة لأعدائه، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، فإذا فعل ذلك كان مؤمناً مسلماً محسناً، من المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

[التوحيد الخالص]

  ولا يكون العبد مؤمناً حتى يعلم أنه مخلوق مرزوق، وأنه ذليل مقهور، وأن له خالقاً قديماً عزيزاً حكيماً، ليس كمثله شيء في وجهٍ من الوجوه ولا معنى من المعاني، وأن ما سواه من الأشياء كلها من عرشه وملائكته ورسله، وسماواته وأرضه، وما فيهن وما بينهن وما فوقهن وما تحتهن، مما أخرجه الله جل ثناؤه من تمكين العباد وأفعالهم - لم يجعل لأحد عليه قدرة ولا استطاعة، ولا جعل عند