مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة عبس

صفحة 125 - الجزء 2

تفسير سورة عبس

  

  قال أبو عبد الله محمد بن القاسم: سألت أبي القاسم بن إبراهيم @ عن معنى قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى ١ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ٢}.

  هذا تأديب من الله تبارك وتعالى لرسوله أن لا يعبس في وجه الأعمى، الذي يأتيه بطلب منه الإسترشاد والهدى، والأعمى هاهنا: أعمى القلب، وقيل في ذلك: إن الأعمى أعمى البصر، قالوا: هو ابن أم مكتوم، أتى النبي يطلب منه الهدى فأعرض عنه، وليس ذلك كذلك.

  ومعنى {عَبَسَ وَتَوَلَّى ١} هو: عبس وتولى بكليته، {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ٢} في معنى حين، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ٣} هو: تعريف من الله أنه يعلم الغيب وأن الرسول لا يعمله، ومعنى {يَزَّكَّى} هو: يتزكى.

  {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ٤}، معنى {أَوْ يَذَّكَّرُ}: يعرف فتنفعه المعرفة.

  {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ٥ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ٦}: هذا تأديب للنبي ÷ أن لا يُجِلَّ مَنْ سمع بغناه ولو كان كافراً، ولا يستحقر مَن سمع بفقره إن كان مهتدياً.

  وقد يكون هو النبي ÷ نظراً لصلاح الأمة في الإقبال إلى مَن كان معه غنى، ثقة بديانة الفقير، واتكالاً على صحته في الدين.

  ومعنى {تَصَدَّى}: تقبل عليه.

  {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ٧} من جهة النظر، وهذا - والله أعلم - ليس للرسول، ولكنه مثَلٌ للتعريف والتأديب.