[الدليل على وجوب الإمامة]
  ونستعين مبتدئ الخيرات، وولي كل حسنة من الحسنات، على واجب شكره، وكريم أثره، فيما أبتدأ به من فضله، وخص به من ولادة رسله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلنا وهو رب العرش الكريم.
[الدليل على وجوب الإمامة]
  سألت يرحمك الله عن الإمامة ووجوبها، وما الدليل إن كانت واجبة على ملتمس مطلوبها، فأما وجوب الإمامة ودليله(١) فوحي كتاب الله ø وتنزيله، فاسمع لسنته في الذين خلوا من قبلك تفهم، وتَفَهَّم(٢) متَقَدِّم أوليها عن الله تعلم، فإنه يقول سبحانه وبحمده فيما نزل من محكم كتابه: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٦٢}[الأحزاب]، ويقول تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٨٣}[البقرة]، وهذا يرحمك الله لكي تعتبر بمنزَلِ بيانه في اشتباه حكمه في الأمم واستنانه.
  ثم أخبر تعالى عما جعل من الإمامة في بني إسرائيل قبل أن ينقل ما نقل منها إلى ولد إسماعيل، فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٢٣ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ٢٤}[السجدة]، وقال سبحانه ما أنور بيانه، فيما نزل من قصص خليله إبراهيم، وما خصه الله به في الإمامة من التقديم، وما كان من دعاء إبراهيم وطلبته لإبقائها من بعده في ذريته: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة]، خبراً منه سبحانه أن عهده فيها إنما هو منهم للمتقين، فلم يزل ذلك مصرفاً بينهم، لم يخرجه الله تعالى منهم بعد وضعه له فيهم وإنعامه به عليهم، حتى كان آخر مصيره في الرسالة ما
(١) في (نخ): ودليلها.
(٢) في (نخ): بفهم وتفهم متقدم أوليتها.