مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القول في التيمم

صفحة 324 - الجزء 2

  سماها نجسا، وإنما استحببنا غسله لأنا نراه وسخا ودرنا ودنسا، وهذا كله أجمع فلا ذكاة عليه، وذلك مما يدل على حقيقة قولنا فيه، لأنه إذا كانت ميتته للطهارة مستحقة كانت أخلاطه كلها كذلك وإن كانت متفرقة، وكذلك ما قل من الدم حتى يكون في القلة والصغر شبيها بالخردلة أو بما زاد قليلا عليها من القذر، ولا تجب على من صلى به إعادة - إذ لا يسفح - لصلاته، ولا ينتقض عليه وإن لم يغسله [شيء] من طهارته، وما كان من الدم لا يسفح من خروجه ولا يقطر عن رأسه فلا إعادة فيه، فإن كان في بدن المصلي أو ثوبه دم بكثر حتى لا يشك في أنه مما كان يسيل أو يقطر فنسيه حتى صلى عاد لصلاته فصلى، لأن نسيانه لما يجب عليه منه لا يزيل فريضة الله في الصلاة عنه، ولم نوجب إلا ما أوجبه غيرنا.

القول في التيمم

  وإن سأل سائل عمن لم يجد ماء وكان في مكان لا يقدر فيه أن يجد طيب الصعدان كيف يصنع في صلاته، وما الذي يجب عليه من طهارته؟

  قيل: يصلي ولا يتيمم بشيء وإن حضره وكثر عنده فلم يعدمه، إلا أن يجد الصعيد الطيب الذي أمره الله سبحانه أن يتيممه فليتيممه، فإن لم يجده لم يمسح يديه ولا وجهه بغيره، وكان قد زال عنه فرض ما أمره الله فيه بتطهيره، لأن الله سبحانه لم يذكر أن طهرا يكون إلا به أو بالماء، وقد علم الله جل ثناؤه مكان غيرهما من الأشياء فلم يأمر المؤمنين به، ولم يذكر لهم سبحانه فيما ذكر من تطهير الصعيد لهم وغناه في الطهارة عنهم، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ..} الآية [المائدة: ٦]، فجعل المسح بالصعيد لوجوههم وأيديهم تطهيراً لهم