مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة الفيل

صفحة 81 - الجزء 2

  وتأويل {فَلْيَعْبُدُوا} هو: فليوحدوا، ومعنى ليوحدوا: فهو ليخلصوا، ومعنى ليخلصوا: فهو ليفردوا بعبادتهم وليخصوا {رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣}، الذي بمكانهم منه وبما كان من مجاورتهم له أُطعِمُوا من جوع، وأُومنوا من خوف، فلم يجوعوا جوع الجائعين، ولم يخافوا خوف الخائفين، فكلهم يعلم ويقول: إن البيت بيت الله ذي الجلال والإكرام، لا بيت ما عبدوا دونه من الملائكة والأصنام، وأن الله سبحانه هو الذي حرَّم الحرم، وجعل له تبارك وتعالى الجلالة والكرم، لا الملائكة المقربون، ولا الأصنام التي يعبدون، فأمرهم جلَّ ثناؤه أن يعبدوه وحده، وأن يوجبوا شكره وحمده على ما صنع لهم وأولاهم، ووهب لهم بحرمة بيته وأعطاهم.

تفسير سورة الفيل

  

  وسألته عن قوله الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ١ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ٣ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ٥

  معنى {تَرَ} في مخرج التأويل: ليس هو برؤية العين، ولكنه علم اليقين؛ لأن رسوله الله ÷ لم يرَ ذلك بعينه، ولكنه رآه بعلمه ويقينه، وبما ذكر الله جل ثناؤه عنه، وبما وصفه الله به منه، وسواء قيل: «ألم ترَ» أو قيل: «ألم تعلم» معناهما واحد في اليقين والعلم.

  وتأويل {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ}: هو كيف صنع. وأصحاب الفيل: فهم من جاء معه، أو بعث به وإن تخلف عنه، فكل من كان للفيل صاحباً مَنْ بعَثَ وإن لم