مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[العلم بقدر القرآن وقصده]

صفحة 51 - الجزء 2

[العلم بقدر القرآن وقصده]

  واعلموا يا بَنِيَّ - علَّمكم الله الكتاب والحكمة، ونفى عنكم بما يعلمكم منها العمى والظلمة - أنَّ أول علم الكتاب وتعلمه العلمُ بقَدْرِهِ عند الله وعِظَمِه، وأنَّ⁣(⁣١) من لم يعلم قدره وغرضه أعرض عنه وهجره ورفضه، فقلَّ به هداه وانتفاعه، ولم ينفعه مع الجهل⁣(⁣٢) استماعه، بل خسر به ورَجُسَ، كما قال مَن جلّ وتقدس: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ٨٢}⁣[الإسراء]، فجعله كما تسمعون للمؤمنين شفاء ورحمة، وللظالمين عمى وخساراً ونقمة، كما قال تعالى: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}⁣[فصلت: ٤٤].

  وفيما زِيدُوا به من الرجس مع ما فيه من الحكمة والقدس ما يقول الله سبحانه: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا}⁣[التوبة: ١٢٤]، قال الله سبحانه: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ١٢٤ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ١٢٥}.

  فغرضُ كتاب الله يا بني وقصدُه فهو هداية الله به ورشده، والرشد من الله والهدى فهو الفوز بالخير والنجاة من الردى، ومن ظفر برشده وهُداه فقد أصلح الله دينه ودنياه.


(١) في (د): وأن كان من لم.

(٢) في (أ): من الجهل تعرضه واستماعه.