مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الدليل على ثبوت البعث وكيفيته]

صفحة 396 - الجزء 1

  قال القاسم #: هاتها لله أبوك!

[الحكمة في إماتة الإنسان وإفناء العالم]

  قال الملحد: أخبرني عن الله ø لِمَ يميت الإنسان ويصيره تراباً بعد أن جعله ينطق بغرائب الحكمة، وبعد هذه الصورة العجيبة البديعة؟ ولِمَ يفني العالم كله؟ أرأيت لو أن إنساناً بنى بناء فنقضه لا لمعنى هل يكون حكيماً؟

  قال القاسم #: ليس الأمر كما ظننته، أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء للشتاء، فلما جاء وقت الصيف نقضه وبناه للصيف هل يكون حكيما؟

  قال: نعم.

  قال #: ولِمَ؟

  قال: لأن الذي اتخذه للشتاء لا يصلح للصيف، وكذلك الذي اتخذه للصيف لا يصلح للشتاء.

  قال القاسم #: وكذلك الله ø، خلق الدنيا وما فيها للابتلاء، فإذا انتهى إلى أجله وحينه أفناها⁣(⁣١)، ويعيدها ثانيا {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}⁣[النجم]، ولا يكون ذلك خروجاً من الحكمة، بل الحكمة أن لا يضيع الثواب والعقاب.

[الدليل على ثبوت البعث وكيفيته]

  قال الملحد: إن التوحيد والتعديل والرسل قد تكلم فيه ناس من أهل الملل، وكل يشك⁣(⁣٢) في الميت أيحيا أم لا، وكل يجيء في ذلك بشيء، فإن دللت على ثباته وكيفيته لم تبق لي مسألة، وحينئذ آمنت بربي.


(١) في (أ): يفنيها.

(٢) قوله #: «وكل يشك» هل هو معطوف على ما قبله؟ وهل التعميم مستقيم؟ قد تكون الواو للحال أي: والحال أن كل الناس الذين تكلموا في الرسل وفي العدل والتوحيد يشك ... إلخ، وبهذا يستقيم الكلام وينحل الإشكال. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).