مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الحكمة في خلق العالم]

صفحة 389 - الجزء 1

  ووجه آخر، وهو أنه لو كان وجود الخير والشر دالا على أن لهما أصلين قديمين لكان وجود الطبائع الأربع دالا على أن لها أصولا قديمة، وإذا كان هذا هكذا دلنا على أن شاهدهم شاهد زور.

[الحكمة في خلق العالم]

  قال الملحد: فإذا لم يكن العالم قديما، ولا كان مزاج الاثنين، وكان صنعا من صانع قديم - فحدثني لم خلق الله هذا العالم؟

  قال القاسم #: إن هذا الكلام فرع من أصل، فإن سلمت لي الأصل كلمتك فيه، وإلا نازعتك في الأصل.

  قال الملحد: وما ذلك الأصل؟

  قال القاسم #: هو أن تعلم بالدلائل أن العالم محدث، وأن له محدثا، ثم تعلم أن محدثه واحد قديم، ثم تعلم أنه قادر حي، حكيم في نفسه وفعله.

  قال الملحد: قد دللت على الصانع، وعلى أنه واحد، فما الدليل على أنه قادر حي حكيم؟

  قال القاسم #: الدليل على ذلك أنا وجدنا الفعل المتقن المحكم متعذرا إلا على القادر الحي الحكيم العالم؛ فلما وجدنا الفعل واقعا دلنا ذلك على أن صانعه عالم قادر حي حكيم.

  قال الملحد: فهل وجدت الفاعل الحكيم القادر سوى الإنسان؟

  قال: لا.

  قال: أفتقول إنه إنسان؟

  قال: إني وإن لم أجد إلا إنسانا فلم يقع الفعل منه لأنه إنسان، إذ قد وجدنا إنسانا تعذر عليه الفعل، فلما وجدناه متعذرا عليه دلنا ذلك على جواز وجود فاعل ليس بإنسان.

  ألا ترى أنا لما قلنا: إنه لا يجوز كون الفعل إلا من قادر حكيم جائز منه ذلك،