[مناقشة من قال: طريق الإمامة اختيارهم للإمام]
  الْخِطَابِ ٢٠}[ص]، وقال فيه ~: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ}[البقرة: ١٥١]. فمتى ما وجد الملتمسون، وأصاب عند الطلب الطالبون، مَنْ هاتان الخلتان فيه كاملتان، وهذان الدليلان عليه مبينان - حقت إمامته وصحت، وبانت الحجة لأوليائه فيه ووضحت، ولم يكن لطالب إمامة تعدِّيه، ولم توجد الكفاية أبداً إلا فيه.
  والعلة التي بها ولها ومن أجلها كانت القرابة والحكمة على الإمام دليلاً، وإلى وجوده عند الحاجة والطلب سبيلاً: أن مطلبه في القرابة أسهل على الطالبين، وأيسر في تكليف فرضه على المكلفين، وأقطع لعذر المعتلين، وأبلغ في الحجة على المتجاهلين، وأقرب إلى متناول البغية؛ إذ لا يمكن تقريبها بالتسمية والدولةُ دولة الجبارين، مَخُوفٌ فيها قتل الأبرِّين.
[مناقشة من قال: طريق الإمامة اختيارهم للإمام]
  ولو كان الأمر في الإمامة كما قال المبطلون فيها، وعلى ما زعموا من أنهم الحاكمون بآرائهم واختيارهم عليها، وأن الخيرة فيها ما اختاروا، والرأي منها وبها ما رأوا - لكان في ذلك من طول مدة الالتماس، وما قد أعطبوا بقبحه وفساده من إهمال الناس ما لا يخفى على نظرة عين، ولا تسلم معه عصمة دين، ولصاروا إلى ما كرهوا من فساد الإهمال، ولتعطل في مدة الطلب أكثر الأحكام، من الجُمَع والاعياد، والدفع والجهاد، وقذف المحصنات، ومكابرة المؤمنات، ولسقط حد الزاني والزانية، وكل حكم خصه الله بالتسمية.
  ثم لَمَا كان لِمَا هم فيه من الطلب غاية تُعرف، ولا للغرض فيه نهاية ينتهي إليها المكلف، ومن شأن الله تيسير كُلَفِه، وتقريب مُعرِّفِه، كنحو من تكليفه وما كان من تعريفه جل ثناؤه لنفسه بما بين السماء والأرض من خلقه، وما عرَّف من رسله بتواتر أعلام دلائله، وكقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ