مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أدلة أخرى على وجوب الإمامة]

صفحة 289 - الجزء 1

  فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ٢٧}⁣[العنكبوت]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}⁣[الحديد].

  وقال سبحانه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}⁣[النساء].

  فأيُّ ضياء أضوى أو حجة لمحتج أقوى في إثبات الصفوة والفضل لأبناء المنتجبين من الرسل مما تلونا تنزيلاً مباناً، أنزله الله في منزل وحيه قرآناً، لا تعارضه شبهة لبسٍ، ولا يلتبس على ذي ارتياده ملتبس، ولكن اقتطع الناس دونه، وحال بين العامة وبينه جورُ أكابرهم في الحكم، واعتساف جبابرتهم فيه بالظلم، فأعين العامة في غطاء عن مذكوره، وقلوبهم ذات عمى عن نوره، فمعروفه لديهم مجهول، وداعيه فيهم مرذول، إن لم يقتل عليه عظم تعنيفه فيه، ولم يَعُدوا - من جهلهم بفرضه، وما هم عليه من رفضه - سبيلَ ما هم عليه، وما أمسوا وأصبحوا فيه من جهل غيره من الحقوق وتعطيلها، ومحو أعلام الدين وتبديلها.

  فالله المستعان في ذلك وغيره، وإياه نسأل تبديل ذلك وتغييره، والحمد لله الذي جعلنا لخاتم المرسلين وبقية من مضى من رسله الأولين عترة وبقية، وآلاً وذرية، ابتداء لنا في ذلك بعظيم فضله، ومَنّاً علينا فيه بولادة خاتم رسله، من غير قوة منا ولا حول، ولا صالح من عمل ولا قول، فجعلنا راجين رجاء أبناء المرسلين بآبائهم، وما كان من حفظ الله للنبيئين في أبنائهم، فكفى بهذا في دلالة القرآن دليلاً على الإمام، وما وَلِيَ الله لرسله في ذلك وبه من الإكرام، منظراً لمنصف معتبر، ومعتبراً به لحكيم مفكر.

  فاسمع لقول الله سبحانه في تفصيل الحكمة، وما خص به من جعلها فيه من التقدمة؛ إذ يقول في داود ~: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ