[أقوال ابن المقفع والرد عليها]
  
  الحمد لله الذي لم يزل ولا يزال، وله الكبرياء بديًّا والجلال، البري من كل تغير وزوال، وتبدل وحركة وانتقال، أو فناء أو احتيال، المتعالي عن أن يكون لشيء أصلا متأصلا، أو عنصراً من عناصر الأشياء كلها متحللا، فيكون كواحد منها، أو كما بان من فروعها عنها، فكثر من قلته بتفرع بعد قلة، أو عز بكثرته بتجمع من ذلة، ولو أن ذلك كان فيه كذلك لعاد غيره له نداً ومثلاً؛ إذ كان له سبحانه محتداً(١) وأصلا، ولكان حينئذ لكل ما كان منه ووجد من فروعه وعنه ما كان من التوالد له؛ إذ كان المتولد منه مثله.
  وكذلك يوجد لكل فرع كان من أصل ما يوجد لأصله من التوالد مثلا بمثل، كفروع ما يرى من الأشياء كلها، التي يتولد يقينا عيانا من نسلها مثل ما يتولد غير مرية من أصلها، كما يرى من ولادة الأبناء لمثل ما يتولد من الآباء، سواء ذلك كله سواء.
  وكذلك ما يرى من متولد الشجر وغير الشجر، فكالأنثى في ذلك أجمع والذكر، يتولد في ذلك كله من أولاده ما يتولد سواء من والده، فكل شيء أبدا كان ممكنا في أصلٍ ووالدٍ كونُ وجوده فمثله ممكن سواء في نسله ومولوده، لا يمتنع مما قلنا به في ذلك وقبوله إلا مكابر في ذلك لعلمه ومعقوله. ولذلك وما فيه من الإمكان، وما يدخل به على أهله من النقصان - ما تقدس الله عنه، وجل وتطهر منه، فلم تمكن فيه منه سبحانه ممكنة في فكر ولا مقال، وكان القول عليه ﷻ بذلك أحول محال؛ إذ في أن يكون شيء له ولدا، أو أن يكون لشيء أصلا ومحتدا، إبطال الإلهية والربوبية، وزوال الأزلية والوحدانية، وإذ لا يكون واحداً من كان له ولد أبداً، ولا يكون أزليا من كان والداً أو أباً؛ لأن الابن ليس
(١) المحتد: الأصل. (صحاح).