[ذكر الله بالقرآن]
  أفضل المنافع، وخيرها سلكاً في المسامع(١)؛ لما فيه من ذكر الله وعلمه، وما دلَّ عليه من أمره وحكمه.
  فمن أعظم الذكر لله والتذكير به ذكرُه بما ذكر به نفسه من آياته وكتبه، فبتلاوة الكتاب فاذكروه تُجلِّوا الكتاب وتوقروه، ولا تكتفوا بتلاوة الكتاب مِن تدبُّره، ولا ترضوا من قراءته بهذِّه ونثره، فإنه ذكر أن رسول الله ÷ قال: «لا تنثروا القرآن نثر الدقل(٢)»، فاقرأوه يا بني إذا قرأتموه بالترتل والترسل، وتفهموه بالإطالة والترتيل، وعندما ذكره الله سبحانه من ناشئة الليل، ففي ذلك ما يقول تعالى لرسوله ÷: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٤ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ٥ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦ إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ٧}[المزمل]، يقول سبحانه: إن لك في النهار مهلاً وتمهيلاً، فكفى فيما(٣) وصفت لكم بهذا بياناً ودليلاً، فالحمد(٤) لله وَلِيُّ المن به وبغيره من الإحسان، ونسأل الله العون على ما نزل في وحي كتابه من البيان.
  واعلموا يا بني أن في كتاب الله ﷻ حرامُ الله كله وحلاله، فليس لأحد تحليل ولا تحريم إلا به، فمن أبى ذلك فهو من الجاهلين بربه، لقول الله تبارك وتعالى فيه: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١٩٩]،
(١) في (أ): وأفضل ما سلك من المسامع.
(٢) الدقل: رديء التمر ويابسه وما ليس له اسم خاص، فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثوراً. (نهاية).
(٣) في (د): بما.
(٤) في (أ): والحمد.