تفسير سورة الكوثر
  بِمَنِّ الله فكبير، لا يُظْفَر به إلا بِمَنِّ الله، ولا يُصَابُ أبداً إلا بالله.
  وتأويل {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}: فأمرٌ منه سبحانه لرسوله ÷ بأن يصلي صلاته كلها لربه، وربه: فهو الله تبارك وتعالى الذي أنعم عليه من النعم والكرامة بما أنعم به؛ لأنه قد يصلي كثير من المصلين لغير الله مما يعبدون، ويصلي أيضاً بعض أهل الملة بالرياء وإن كانوا يقرون ويوحدون.
  وأمره سبحانه إذا نحر شيئاً من النحائر قرباناً لربه ألا ينحره عند نحره له إلا لله وحده ربه؛ لأنه قد كان ينحر أهل الجاهلية للأصنام والأوثان، ويشركون في نحائرهم بينها وبين الرحمن، ويذكرون أسماء آلهتهم عند نحرها، ويذكرون الله جلَّ ثناؤه عند ذكرها، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١]، يعني: اسمه خالصاً، وما لم يكن له جلَّ ثناؤُهُ من النحائر والذبائح خالصاً.
  وأخبر سبحانه رسوله ÷ أنَّ مَن شنأه فأبغضه من البشر فهو مخذول ذليل أبتر، ليس له عِزٌّ مع بغضه له وشنئانه ولا مُنتَصر؛ إكراماً من الله جل ثناؤه لرسوله ÷، وإخزاءً لمن شنأه وأبغضه، ولم يؤدِ إلى الله في محبته فرضه، فنحمد الله على ما خص به رسوله من كراماته، وأوجب على العباد من محبته وولايته.
  وقد قيل: إن الكوثر نهرٌ في الجنة خصَّ اللهُ رسولَه به، وجعله جلَّ ثناؤه في الجنة له، وقالوا: إن شانئه الأبتر المذكور في هذه الآية قصره هو عمرو بن العاص السهمي خاصةً، وتأويل ذلك إن شاء الله وتفسيره هو كل من شنأه، عمرو كان أو غيره.