تفسير سورة الماعون
  المكذب بالدين، ولم يحض غيره على إطعام المسكين، وفيه وفي أمثاله ما يقول الرحمن الرحيم: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}، يعني: من غير أبرار المتقين، وهم الفجرة الظلمة المنافقون، الذين هم كما قال الله سبحانه: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}. والساهون: فهم الذي هم عن صلاتهم ووقتها لاهون، ليس لهم عليها إقبال، ولا لهم بحدود تأديتها اشتغال، فنفوسهم عن ذكر الله بها ساهية، وقلوبهم بغير ذكر الله فيها لاهية، {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}، وهم: المراؤن الذي ترى منهم عياناً الصلاة وقلوبهم بالسهو والغفلة عن ذكر الله مُملاة.
  {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، هو: ما جعل الله فيه العون من المرافق كلها التي يجب العون فيها لأهلها من غير مفروض واجب الزكوات، وما ليس فيه كثير مؤنة من المعونات، مثل نار تقتبس، أو رحى أو دلو يلتمس، وليس في بذله إضرارٌ بأهله، وكل ذلك وما أشبهه فماعون، يتعاون به ويتباذله بينهم المؤمنون، ومانعوه بمنعه له مِنْ طالبه فمانعون، وهم كلهم بمنعه لغيرهم فذامون.
  وما ذكر الله سبحانه من قوله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} فقولٌ لمن كان قبله من ذكره بمنع الماعون موصول في الذم والتقبيح، وما يعرف في التقبيح فصغيره صغيرة، وكبيره كبيرة، وكله عند الله فمسخوط غير رضي، وخلق دني من أهله غير علي(١)، تجب مجانبته(٢)، ولا تحل مقاربته(٣)، إلا لعذر فيه بَيِّن، وأمر فيه نَيِّر،
(١) في المطبوع والمصابيح: زكي.
(٢) في المطبوع والمصابيح: مباينته.
(٣) في المطبوع والمصابيح: مقارنته.