تفسير سورة الفيل
  يصحبه ومن كان له مصاحباً.
  وتأويل {كَيْدَهُمْ} فهو: إرادة مريدهم، والإكادة: فهي الإرادة، كما قال الشاعر:
  كادت وكدت وتلك خير إرادة ... لولا الوشاة بأن نكون جميعاً(١)
  وذلك أن أصحاب الفيل كادوا، ومعنى ذلك: هو أرادوا أن يخربوا الكعبة وأن يجعلوها(٢) متهدمة خربة؛ لأن العرب كانت خربت كنيسة كانت يومئذٍ للحبشة، وكان يومئذٍ فيهم وملك عليهم رجلٌ من العرب من أهل اليمن يقال له: أبرهة بن الصباح، وكان يدين دينهم، فهو الذي بعثهم، فأرسل الله سبحانه على أصحاب الفيل كما قال تبارك وتعالى: {طَيْرًا أَبَابِيلَ ٣ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ٥}، لا يصيب حجرٌ منها(٣) أحداً إلا قتله وأهلكه، ولم يكن له بقاء معه ولا بعده. والطير الأبابيل فهي: الطير الكثير(٤) الأراعيل، التي تأتي من كل وجه ولا تأتي من ناحية واحدة. والسجيل: فهو فيما يقال: الطين المستحجر الصلب الذي ليس فيه لين، فهو لا يقع على شيء إلا حطمه وفَتَّهُ وهشمه، وجعله كما قال الله سبحانه كالعصف المأكول. والعصف: فهو عاصفة قصب الزرع البالي المدخول، الذي قد دُخل
(١) عجز البيت في معاني القرآن للأخفش ولسان العرب والصحاح وشمس العلوم وغيرها هكذا: لو عاد من لهو الصبابة ما مضى.
(٢) في المطبوع والمصابيح: ويجعلوها.
(٣) في المطبوع والمصابيح: منهم.
(٤) في المطبوع والمصابيح: الكبير.