ومن كلامه # [في الوعظ]
  قطع به دون مناه وآماله، وما أنعم الله عليه من نظرته وإمهاله، فتلهف على ما فاته من طاعة ربه حين لا ينفع التلهف، وتأسف عندما لا يغني عنه ولو كثر التأسف، على ما فرط فيه من إمكان نجاته، وما خسره من أيام حياته، فذهب بندمه وحسرته، وآل بهما إلى معاده وآخرته، فبقي في الحسرة مخلدا، وفي الندامة مقيما أبدا، وكان عند تلك وفيها ومعها من مقاله نحو ما ذكر الله عند مجيء الساعة من مقال أمثاله، إذ يقول سبحانه: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ٣١ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٣٢}[الأنعام]، وقال تعالى ذكره: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ٩٩ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَاءِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٠٠ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ١٠١ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٢ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ١٠٣ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ١٠٤ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ١٠٥}[المؤمنون]، فأنكص النكوص عن الآيات ترك ما أمر الله به من الحسنات، وارتكاب ما نهى الله عنه من السيئات.
  يا أخي فحتى متى وإلى متى دوام الغفلة والحيرة والعمى؟! ألسنا بربنا مؤمنين؟! وبيوم البعث موقنين؟! فمالنا يا سبحان الله من أمر الله معرضين؟! ولانتقام الله بالخلاف عليه في أمره متعرضين من بعد الإيمان واليقين، والعلم بشرائع الدين؟