وله أيضا #
  فكم من مهدي لقصده ورشده قد ضل بعد هدايته عن قصده، وكم من مستمع ومبصر لا يسمع ولا يرى، كما قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ١٩٨}[الأعراف]، وقال سبحانه: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ١٨}[البقرة].
  يا أخي فانظر فيما ذكرت واستمع تسعد وتنج بإذن الله وتنتفع، ولا تك كالذين هلكوا وهم يرون، أولئك فهم المعترفون بالله المقرون، الذين رضوا من حياتهم بالتمني في المعاد لنجاتهم، بما تمنوا غرورا مهلكا، فقالوا إذ اقترفوا كذبا وإفكا، وإن كانوا قد أقروا، لا كما فعل من نحن وأنت فيه من العذاب من كبائر العصيان، ثم ادعوا النجاة بعد الإقرار بالعذاب دعوى بغير ما حجة ولا برهان.
  ولفي ذلك وأولئك - وهم بنو إسرائيل #، وذرية إبراهيم خليل الرحمن - ما يقول سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٢٣ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٢٤ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ}[آل عمران: ٢٥]، وقال سبحانه لهذه(١) الأمة فيما نزل من آياته المحكمة: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ١٢٣}[النساء]، فكفى يا أخي بما يسمع السامعون من هذا ومثله بيانا وتبصيرا، نفعنا الله ونفعك بتبصيره، وما من به علينا وعليك من تذكيره.
(١) في (نخ): ولهذه.