وله أيضا # رسالة إلى بعض بني عمه
  لفرطه، فكيف بمن سخط وغضب لرب الأرباب ومغاضبه؟ أليس ذلك أولى بالقليل في تنعمه ومطاعمه ومشاربه؟ بلى إنه لأولى بذلك، وأحق ممن كان كذلك، ولذلك أزكى عند الله وأرضى، وأوجب في الفرض لو كان من الله فرضا، ولكنه سبحانه لرحمته بالمؤمنين وإحسانه إليهم ورأفته بهم وتحننه عليهم جعل ذلك لهم سبحانه تطوعا ونافلة، وفيما بينهم وبينه فضائل لهم كاملة، فقال جل ثناؤه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٨٧}[المائدة]، وقال سبحانه لرسوله ÷: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الأعراف: ٣٢]، فجعلها لهم في الدنيا وأخلصها لهم في الآخرة، ولم يجعل معهم فيها حظا للكفرة ولا للفجرة.
  وقال سبحانه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ٩٣}[المائدة]، فلم يجعلها الله سبحانه إلا لمن اتقى، وحرمها على من فجر وتعدى ولم يكن من أهل الإيمان بالله والهدى، فاستقل أولياء الله منها، وأعرضوا لسخطهم لله عنها، كما جاء في أثر عن عثمان بن مظعون فيما كان حرم على نفسه من الأطعمة واللحوم، جعلنا الله وإياك من أوليائه، وأسعدنا وأسعدك بطاعته في يوم لقائه.
  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلنا وهو رب العرش الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وآل الأكرمين.