القول في الماء القليل
  ألا ترى أنه لو سجد في صلاته كلها قبل أن يركع لعاد لصلاته وكان محرما عليه من ذلك ما صنع، ومبتدعا فيه لأخبث البدع، لأنه عمل منه وفيه بخلاف ما حكم الله سبحانه به عليه، فقدم منه ما أخره الله فلم يقدمه، وأخر منه ما أمره الله بالتقديم له، فهذا دليل بين لما قلنا به فيه، وشاهد منير فيما استدللنا به عليه، لا يأبى قبوله منصف، ولا يخالف فيما قلنا منه إلا جائر متعسف.
  وإن سأل سائل عن ميت وقع في بركة أو بئر أو حوض من ماء غير كثير هل فيه ما أفسد طهارة الماء؟ قيل: لا، قد فرغنا من هذا وما كان له مشبهاً من جميع الأشياء فيما حددنا من طهارة الماء قل أو كثر مما يثبت للماء لونه وطعمه وريحه فلم يغلب حتى يتغير.
  وإن سأل سائل عن بول البعير وغيره من أبوال الحمير الوحشية؟ قيل: كل شيء لم يحرم الله سبحانه من الدواب أكله فليس ينجس شيئا أصابه بوله ولا زبله، وليس شيء مما يحرم من البهائم بنجسة، إلا ما كان محرما في نفسه، مثل الخنزير وغيره من المحرمات لحومها.
  كمل كتاب الطهارة، والحمد لله كثيرا طيبا