القول في الماء القليل
  لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال]، فتبارك رب العالمين.
  ثم فرض سبحانه عليهم بعد توحيده وما فيهم من فرائض حقه الصلاة، سياسة بما فرض منها بحقه، وإحياء بها فيهم لذكره وتعظيمه، ولما فيها من خشوع كل مؤمن وتقويمه لطاعة الله وأمره وإجلاله عند ما يخطر فيها من ذكر الله بباله، ولما له ما كان فيها وبها من العصمة والبركة، والنجاة عند قيامه إليها وفيها من كل معصية مهلكة، من كل فحشاء أو منكر، أو استكبار متكبر، ولها وفيها ولدعائه إليها ما يقول الله سبحانه لرسوله ÷: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، ثم قال سبحانه: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥] وأنهى لمن كان لأمر الله منتهيا عن كل فحشاء أو منكر، ومستكبر من معصية الله أو مستصغر. فصدق الله لا شريك له في خلق ولا أمر ولا حكم، لَخَاطِرَةُ ذكر أكبر وأنهى لمن آمن به عن كل معصية وجرم، أزجر من كل كبير من الأمور أو ناهية، وأجل وأعلى من كل جليل وعالية، ازدجر بها مزدجر فانتهى، ووفق لها موفق فاهتدى.
  ولما جعل الله له من الصلاة من ذكره فيها للرسل ما تقدم من أمره، فلم تخل رسل الله من أمر الله به فيها، ولم تزل رسل الله صلوات الله عليها تدعو الأمم في سالف الدهور إليها، فقال تبارك وتعالى في إسماعيل رسوله ÷ وعلى جميع رسله: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ٥٥}[مريم].
  وقال عيسى صلى الله عليه وآله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ٣١}[مريم].
  وقال تبارك وتعالى لموسى فيها قبل وصيته لعيسى ª،