فصل: فيما يرقى به الملدوغ
  قَالَ: فَأَوفوهُم جُعْلَهُمْ الذي صالحوهُم عليه، فقال: اقتسِمُوا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتيَ رسولَ الله ÷ فنستأمِرَه، فَغَدَوْا على رسولِ الله ÷ فذكرُوا له، فقال - عليه الصلاة والسلام: «مِنْ أين عَلِمْتُم أنَّها رُقْيَةٌ؟ أحسنتُم، اقتسِمُوا، واضْرِبُوا لي معكُم بِسهْمٍ» رواه الجماعة(١).
  وفي رواية للبخاري: "فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِينَ شَاةً"(٢)، وفي رواية للترمذي: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} سَبْعَ مَرَّاتٍ(٣).
  والذي رقى هو أبو سعيد الخدري، جاء ذلك صريحًا في رواية الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وسيأتي في الفصل السادس من هذا: (من رقى بمائة شاةٍ) في قصةٍ أخرى ورواية أخرى.
  وعن جابر قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ ÷ عَنِ الرُّقَى، فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ(٤) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ، وَإِنَّكَ تمنع الرُّقَى، قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا أَرَى بها بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» رواه مسلم(٥)، قيل: وتمسح لدغة العقرب بماءٍ وملحٍ ويُرقى عليها الكافرون والمعوَّذتين. رواه الطبراني في الصغير(٦).
  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ(٧)، قَالَ: تَنَاوَلْتُ قِدْرًا كَانَتْ لِي، فَاحْتَرَقَتْ يَدِي، فَانْطَلَقَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَجُلٍ جَالِسٌ فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «لَبَّيْكِ وَسَعْدَيْكِ» ثُمَّ أَدْنَتْنِي مِنْهُ، فَجَعَلَ يَتْفِلُ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَسَأَلْتُ أُمِّي بَعْدَ ذَلِكَ: مَا كَانَ يَقُولُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: «أَذْهِبِ
(١) أخرجه أحمد في مسنده: (١٧/ ١٢٤ رقم ١١٠٧٠)، والبخاري في صحيحه: (٥/ ٢١٦٩ رقم ٥٤١٧)، ومسلم في صحيحه: (٤/ ١٧٢٨ رقم ٦٦ - (٢٢٠١)، وابن ماجة في سننه: (٢/ ٧٢٩ رقم ٢١٥٦)، وأبو داود في سننه: (٦/ ٤٦ رقم ٣٩٠٠)، والترمذي في سننه: (٤/ ٣٩٨، ٣٩٩ رقم ٢٠٦٤)، والنسائي في سننه الكبرى: (٧/ ٧٠ رقم ٧٤٩٠)
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: (٤/ ١٩١٣ رقم ٤٧٢١).
(٣) أخرجه الترمذي في سننه: (٤/ ٣٩٨ رقم ٢٠٦٣).
(٤) عمرو بْن حزم الخزرجي النجاري، شهدَّ الخندق، واستعمله رسول الله صلى عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ على أهل نجران، ليفقههم فِي الدين، ويعلم القرآن، ويأخذ صدقاتهم ومات بالمدينة سنة (٥١ هـ) وقيل: (٥٣ هـ). ينظر: ابن عبد البر، الاستيعاب: (٣/ ١١٧٢ رقم ١٩٠٧).
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه: (٤/ ١٧٢٦ رقم ٦٣ - (٢١٩٩) مع اختلاف يسير.
(٦) أخرجه الطبراني في معجمه الصغير: (٢/ ٨٧ رقم ٨٣٠)
(٧) محمد بْن حاطب بْن الْحَارِث القرشي الْجُمَحِي، أبو الْقَاسِمِ له صحبة. توفي سنة (٦٤ هـ) بمكة. ينظر: ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب: (٣/ ١٣٦٨ رقم ٢٣٢٤).