الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

ولنختم الباب بحديث شريف يشهد على جميع ما تقدم ويليق بالمتدين التخلق بمقتضاه

صفحة 319 - الجزء 1

  وعن أبي هريرة قال: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا [لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ]، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ»، وقد تقدم تخريجه، وهو مرفوع عند الترمذي وغيره.

ولنختم الباب بحديث شريف يشهد على جميع ما تقدم ويليق بالمتدين التخلق بمقتضاه

  (حديث علي #)⁣(⁣١): رواه مربي الشيعة، وناصب أعلام الشريعة، محمد بن منصور المرادي | في كتاب الذكر؛ فقال: برواية شمس الأخبار⁣(⁣٢)، وفيه فوائد خارجة وزائدة، ولكن ينبغي الحرص عليها بإسناده | تعالى.

  عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ¥ أنه قال له رجل: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ حَفِظْتَهُ، وَذَكَرْتَهُ عند ربه مَا حَدَّثَكَ بِهِ. ثم بَكَى


= تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}⁣[الأحزاب: ٢١]، وكان ÷، واسع الصدر، صادق اللهجة. لين العريكة، دائم البشر، يجيب من دعاه، ويقبل الهدية ولو كُراعًا أو جرعة لبن، ويمازح أصحابه، ويحنك أطفالهم، ويضعهم في حجره، ويداعبهم، وكان يكرم من ورد عليه. وقال: (إذا أتاكم كريم قوة فأكرموه) (وإذا أكرم الرجل أخاه فإنما يكرم ربه). وكان يكرم جليسه، فيحسب أنه لا أكرم عليه منه، إذا أخذ أحد بيده لم يرسلها حتى يرسل الآخر يده، يبدأ من لقيه بالسلام، ويبدأ أصحابه بالمصافحة، ثم يشابكه، ويشد قبضته. لم يُر قط مادًا لرجليه بين يدي أصحابه. رمى لجرير بثوبه يجلس عليه، فقبله جرير ووضعه على عينيه. وإذا أبصر الرجل من أصحابه مغمومًا داعبه حتى يضحكه. ويذهب غمه. وكان يضحك ممَّا يضحك منه أصحابه، ويعجب ممَّا يعجبون. ودخل عليه أعرابي فارتعدت فرائصه، فقال: (هون عليك إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد). وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته، ويعلف ناضحه ويحمل متاعه، ويهنأ بعيره. وربما أعان خادمته في العجن فيعجن معها. مرَّ بغلام يسلخ شاة، ولا يحسن. فقال: (تنح عني) ثم أدخل يده بين الجلد واللحم حتى بلغت الإبط. وكان يركب الأتان وربما أردف غيره خلفه أو أمامه، وربما انصرع هو ورديفه من فوقها. من أخبره بشيء صدقه، ومن اعتذر قبل عذره، قال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ}⁣[التوبة: ٦١]. ÷. وعلينا الاقتداء به في التمسك بمكارم الأخلاق، لا سيَّما من كان يدعو إلى الله تعالى. وفي الحديث: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فانبسطوا لهم بوجوهكم).، ودلت على حسن العفو عن الكافر، وأنه من حسن الأخلاق، والحال فيه تختلف. ينظر: النجري، شافي العليل في شرح الخمسمائة آي من التنزيل: (ص ٤٢٩ - ٤٣١).

(١) ما بين القوسين ساقط من (ب، ج). وحديث علي #: قال: قال رسول الله ÷: «للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقًا، وعد منها ذلك ومن عطس فليحمد الله، ومن تثآءب فليستعذ من الشيطان واضعًا فاه على ظهر كفه الأيسر». ذكره الويسي في السَّفِيْنَةُ المُنْجِيَةُ: (ص ٨٣)، وعزاه إلى القرشي في شمس الأخبار: (٢/ ١٥).

(٢) القرشي، علي بن محمد بن الوليد: مسند شمس الأخبار المنتقى من كلام النبي المختار (١/ ٣٤٥).