الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

المبحث الثاني: عصر المؤلف

صفحة 50 - الجزء 1

  الدماء والأموال المعصومة بعصمة الإسلام، ولم يكن في أيديهم حجةٌ غير دعواهم أن الناس أحدثوا من الأفعال والأقوال فصاروا غير مسلمين)⁣(⁣١)، وقد كفَّروا أهل القبلة جميعًا ورموهم بالإلحاد فغلطوا في ذلك غلطًا فاحشًا وساووا بين المسلم المبتدع وبين الكفار عبدة الأوثان، وقد كفَّروا أهل الإسلام حتى قال المؤرخ جحَّاف⁣(⁣٢): هذا التكفير من صاحب نجد لأهل الإسلام جهلٌ منه، وسلب أمولهم بسبب ما نسبه إليهم لا يُجدي عند المناظرة، وسفكه للدماء من الوساوس والغلط، كيف يحلُّ له ذلك⁣(⁣٣).

  وقد ظهرت ردة الفعل من المؤلف، فتراه يحاول التوسع في الردِّ على بعض المسائل، كمسألة التوسل وغيرها.

الفرع الثاني: الحالة الثقافية

  شهدت الحياة العلمية والثقافية في عصر المؤلف إزدهارًا رغم الأوضاع السياسية المضطربة مما يدَّل ذلك على الآتي:

  ١ - كثرة العلماء المؤلفين في تلك الفترة.

  ٢ - كانت الحياة العلمية والثقافية في عِصر المؤلف قويةً؛ فالهِجَرُ العلميةُ كانت مزدهرةً بنشر العلم وكثرة الرحلات لطلب العلم إلى الهجر العلمية؛ أهمُّها صنعاء، وصعدة، وذمار، وكوكبان، وحوث، وزبيد⁣(⁣٤)، والمخلاف السليماني: ضمد⁣(⁣٥)، وصبيا⁣(⁣٦) وغيرهما، ومن طالع كتب التراجم كحدائق الزهر في ذكر أشياخ أعيان العصر والدهر، وكتاب عقود الدرر بتراجم علماء


(١) ينظر: الضمدي، الديباج الخسرواني في أخبار أعيان المخلاف السليماني: (٧٨ - ٧٩).

(٢) حجاف، لطف الله بن أحمد الصنعاني وُلد بصنعاء سنة (١١٨٩ هـ)، ونشأ بها، مؤرخ، فقيه، أصولي، محدث، حافظ، مشارك في النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان، توفي سنة (١٢٤٣ هـ)، له: "درر نحور الحور العين بسيرة الإمام المنصور وأعلام دولته الميامين" والمرتقى إلى المنتقى، وغيرهما. ينظر: الشوكاني، البدر الطالع: (٢/ ٦٠). والوجيه، أعلام المؤلفين الزيدية: (ص ٧٩٥)، وزبارة، نيل الوطر (٢/ ١٨٩).

(٣) ينظر: جحاف، لطف الله جحاف: درر نحور العين بسيرة الإمام المنصور علي، دراسة وتحقيق عارف محمد عبد الله فارع الرعوي، وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، ط ١ (١٤٢٥ هـ/٢٠٠٤ م): (ص ٨٤٦).

(٤) وادٍ مشهور يصب في تهامة ثم البحر الأحمر، وهو من أخصب بلدان اليمن تربة ونماءً، وتبلغ مساحته الزراعية أكثر من ثلاثين ألف هكتار. ينظر: المقحفي، معجم البلدان: (ص ٧٣٢).

(٥) بلدة عامرة في وادي ضمد في الشمال الشرقي من جيزان، في المخلاف السليماني. ينظر: الحجري، مجموع بلدان اليمن وقبائلها: (٢/ ٥٥٣)، والضمدي، عقود الدرر بتراجم علماء القرن الثالث عشر: (ص ٦١).

(٦) صبيًا من قرى عسير من ناحية اليمن. ينظر: الحموي، معجم البلدان: (٣/ ٣٩٢).