الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

المبحث الثاني: عصر المؤلف

صفحة 39 - الجزء 1

المبحث الثاني: عصر المؤلف

  بما أن للعصر الذي عاش فيه المؤلف أثرًا في تكوينه؛ لذلك لا بُدَّ من تناول عصره في هذه المطالب:

المطلب الأول: الحالة السياسية

  لقد عاش المؤلِّف ما بين سنة (١٢٢٠ هـ) تقريبًا إلى سنة (١٢٦٩ هـ)، والأحداث كثيرةٌ في هذه الفترة، فقد تعاقب على حكم اليمن عددٌ من الأئمة والحكام ودخلت اليمن في فتراتٍ تحت الاحتلال العثماني الثاني، وتعرَّضت اليمن لعددٍ من الاعتداءات من قبل الحركة الوهابية⁣(⁣١)، وساعدت الدولة العثمانية بريطانيا على احتلال جنوب اليمن، فقد ولد المؤلف تقريبًا في آخر دولة المنصور علي بن المهدي عبَّاس⁣(⁣٢)، والذي أخلد إلى الدَّعَة، واحتجب عن الناس، ولم يشتغل بشيءٍ من أمور مملكته إلّا بالعمائر والإصلاحات في صنعاء وحولها إلى المحلات المشهورة وأوكل أمور الدولة إلى ثلاثة وزراء، وكان يُلِقِّب الوزير (بالوزير الأعظم)، وأدى ذلك إلى ضعف دولته، وانتقضت بعض الأطراف، وملكت بعض السواحل⁣(⁣٣) وعارضه السيَّد العلامة الإمام إسماعيل بن أحمد المغلس الكبسي⁣(⁣٤)، ولم يزل هاربًا من المنصور علي حتى توفي بذمار، وكان ولده المتوكل أحمد بن علي بن العباس ينوب عنه أبيه المنصور في كثيرٍ من الأمور، ويفاوضه الوزراء في أغلب ما تدعو إليه الحاجة، ثم انقلب على وزراء


(١) الوهابية فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوهاب، وابتداءُ ظهورِها سنة (١١٤٣ هـ)، وإنما اشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر عقيدته في نجد، وساعده على إظهارها، محمد بن سعود أمير الدرعية، مجبرًا أهلها على متابعة ابن عبد الوهاب هذا فتابعوه، وما زال ينخدع ل هـ في هذا الأمر حيٌّ بعد حيٍّ من أحياء العرب حتى عمَّت فتنته، وكبرت شهرته، واستفحل أمره فخافته البادية، وكان يقول للناس: ما أدعوكم إلا إلى التوحيد، وترك الشرك بالله تعالى في عبادته، وكانوا يمشون خلفه حيثما مشى حتى اتسع ل هـ الملك"، ينظر: إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال محمد بن عبد الوهاب: محمد بن إسماعيل بن الأمير الصنعاني، تحقيق: عبد الكريم أحمد جدبان: (ص ٧٣).

(٢) الإمام المنصور علي بن المهدي عباس بن الحسين بن القاسم، ولد في سنة (١١٥١ هـ)، وتولى الحكم بعد وفاة والده المهدي عباس في (١١٨٩ هـ) واستمر حكمه إلى أن توفي في سنة (١٢٢٤ هـ). ينظر: الواسعي، تاريخ اليمن: (ص ٢٣٠).

(٣) ينظر: الواسعي، تاريخ اليمن: (ص ٢٣٠).

(٤) الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الكِبْسِي المُغَلّس، علامة محقق، وفقيه مجتهد وأصولي دعا إلى الله سنة (١٢٢١ هـ)، وتنقل في عدة مناطق، توفي في سنة (١٢٤٨ هـ)، ودفن بمدينة ذمار وله: (الأسرار المضيئة الكاشفة عن حقيقة مذهب الزيدية) (طبع) وغيره. ينظر: المؤيدي، التحف شرح الزلف (ص ٣٦٢)، وزبارة: نيل الوطر: (١/ ٢٦١).