[الخلق الرابع:] الشكر
  وليشكر ربه(١) على ما يبتليه به من الآلام، والغموم؛ لأن فيها من المنافع الأخروية ما لا يكاد يتصوره؛ لكثرته وعظمته، فصار ذلك الابتلاء نعمة منه تعالى في الحقيقة.
  ويتضح مما ذكرناه:
  أن شكر الله - سبحانه - واجب، في السراء، والضراء، والشدة، والرخاء، وفي كل حال من الأحوال له الحمد والشكر، كذلك، وأبلغ من ذلك، وأضعاف ذلك، كما يحب ويرضى، حسبما هو أهله جل وتعالى.
  ويجب - أيضاً - شكر من أحسن إلينا، وأنعم علينا، نعمة دينية، أو دنيوية، من نبيئنا ÷، وأئمتنا، ومشائخنا، ووالدينا، وإخواننا، ومن سائر الناس، فينبغي شكره، ودعاء الله أن يجازيه عَنَّا بأفضل الجزاء، ويحسن إليه عَنَّا أكمل الإحسان.
(١) قال الإمام المنصور بالله #: (والبلاء من قبل الله تعالى على وجهين: بلاء فعل واضطرار، وبلاء تعبد واختبار. فبلاء الفعل والاضطرار على وجهين: محنة، ونعمة، ونريد بالمحنة هاهنا: ما تنفر عنه النفوس، وبالنعمة: ما تلتذ به. وأما إذا رجع إلى التحقيق فكل ما جاء من قبله من مكروه، أو محبوب، فهو نعمة حسنة؛ وقد قسم الحكيم سبحانه البلاء في كتابه الكريم كما قسمنا، ومن كتابه العزيز تفهمنا ما فهمنا، قال عز من قائل في ذلك: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ}[الفجر ١٥] ...)، إلى قوله: (وقال تعالى في المعنى الثاني من البلوى [أي: ما تنفر عنه النفس]: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}[الفجر ١٦]). [حديقة الحكمة].