[الخلق السادس عشر:] تقديم الأهم فالأهم
  فرغ من خاصته، وأمكنه السعي في إصلاح أمر من أمور المسلمين، قريبٍ، أم بعيدٍ، فليفعل؛ فإن في ذلك فضلًا كبيرًا، وأجرًا كثيرًا يطول ذكره.
  وهو على الجملة معلوم من ضرورة الدين، قال ÷: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة»(١). رواه البخاري ومسلم، وغيرهما.
[تحذير من الدنيا]
  وليحذر من الدنيا، ومن طلبِ ما يزيد على الكفاية فيها؛ فإنها أَسْحَرُ من هاروت وماروت، وليجعل الموت نصب عينيه كما ورد وذكر متقدمًا، قال ÷: «كفى بالموت واعظًا»(٢).
  وقيل لنوح صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يا أطول الأنبياء عمرا، كيف وجدت الدنيا؟ قال: (كدار لها بابان، دخلت من أحدهما، وخرجت من الآخر).
  وعن ابن عباس أنه قال: ما انتفعت ولا اتعظت بعد رسول الله ÷ بمثل كتاب كتبه إليَّ أمير المؤمنين - يعني عليَّا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ،
(١) الأمالي الخميسية للإمام المرشد بالله # [٢/ ٣٥١]، والبخاري [٣/ ١٢٨] رقم (٢٤٤٢)، ومسلم [٤/ ١٩٩٦] رقم [٥٨ - (٢٥٨٠)].
(٢) الاعتبار للموفق بالله # رقم (٣١١)، ومسند الشهاب القضاعي [٢/ ٣٠٢] رقم (١٤١٠)، والبيهقي في شعب الإيمان [١٣/ ١٣٦] رقم (١٠٠٧٢).