المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[النوع الثالث:] الرياء

صفحة 49 - الجزء 1

  لتلك التهمة، قيل: ولا يبعد في أنه يجب؛ لقوله ÷: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفنَّ مواقف التهم»⁣(⁣١)، ونظائر ما ذكرنا كثيرة، والأعمال بالنيات⁣(⁣٢).

[صور من الرياء]

  ومن الرياء: أن يوهم أنه فعل فعلاً ولم يفعله، قاصداً الحمد عليه، وقد توعد الله على ذلك بقوله تعالى: {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآية. [آل عمران ١٨٨]. فلو أحب ذلك ولم يوهم أنه فعله؛ فالأقرب قبحه؛ لأن فيه محبة الكذب، وما في حكمه.

  ومنه: أن يُرِيَ أنه يأكل قليلاً؛ ليُوصفَ بالقنوع والشهامة؛ فقد ورد أن المرائي في أكله كالمرائي في دينه، فلو تركه إيثارًا للغير، ولئلا يوصف بكثرة النَّهَمِ⁣(⁣٣)؛ كأن يرفع أصحابه قبل شبعه، فلا حرج في ذلك.


(١) رواه والدنا الإمام يحيى بن حمزة # في الديباج الوضي [٦/ ٢١٦٥]، والزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف [٢/ ١٦٦] برقم (٦٣١).

(٢) وفي علامة المرائي التي ينبغي أن لا تغيب عن بال الواحد منا ما قاله أمير المؤمنين ~: (للمرائي أربع علامات: يكسلُ إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أُثْنِيَ عليه، وينقص منه إذا لم يُثن عليه). [شرح النهج: ٢/ ١٨٠، واليعقوبي في تاريخه [٢/ ٢٠٧] أوردها ثلاثا، والثالثة: (ويحب أن يحمد في جميع أموره)].

(٣) الإيثار: أن تقدِّم غيرك بالشيء، والاستئثار بالشيء: أن تخصَّ نفسك به دون غيرك، والنهم: زيادة الاشتهاء للطعام.