[النوع الثالث عشر:] محبة الجاه والشهرة
  على مقدار الضرورة، وعلى العبد مجاهدة نفسه، وليس مع ذلك إلا إعانة الله، ومادته، ولطفه، ورحمته.
[النوع الثالث عشر:] محبة الجاه والشهرة
  هي نوع خاص من محبة الدنيا، دعا إلى إفرادها بالذكر مسيسُ الحاجة(١) إلى التحرز عنها.
  ومعنى الجاه: ملك القلوب المطلوب تعظيمها وطاعتها؛ ليستعمل - بواسطة القلوب - أربابها في أغراضه، ومآربه(٢)، وأصل الجاه: انتشار الصيت، وحصول الشهرة(٣).
  وهما مذمومان، وكفى في ذمهما ما رواه أنس: «حسب امرئ من الشر - إلا من عصمه الله - أن يشير إليه الناس بالأصابع، في دينه ودنياه»(٤). وعن عليٍّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: (تبذَّل(٥) ولا تشتهر، ولا
(١) مسيس الحاجة: ما ألجأت إليه، يقال: مَسَّت الحاجة إلى كذا: ألجأت إليه.
(٢) والمعنى بعبارة أخرى: أنك تستخدم مَنْ ملكتَ قلبه لتحقيق أغراضك ومآربك، وامتلاكك لقلبه حصل بما انتشر عنك من ذكر حسن وعلو قدر ومنزلة، أي: بالجاه والشهرة، فلأن الجاه والشهرة وسيلة لامتلاك القلوب، وامتلاك القلوب وسيلة لاستخدام أصحاب تلك القلوب لتحقيق أغراضك، فلذلك ينشأ لديك محبة الجاه والشهرة لما يتحقق بهما من الأغراض والمآرب.
(٣) الصِّيت بالكسر: الذكر الجميل في الناس. والشهرة: الظهور والوضوح.
(٤) البيهقي في شعب الإيمان [٩/ ٢٢٤] رقم (٦٥٧٩)،
(٥) التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. [لسان].