[النوع الرابع عشر:] حب المدح، وكراهة الذم
[معالجة الممدوح نفسَه]
  وينبغي معالجة النفس لتزول عنها هذه الخليقة الذميمة، كأن يستحضر الممدوح أن الذي مُدِحَ به إنْ كان من صفات الكمال الدنيوية فهو كالفرح بنبات الأرض الذي يصير على القرب هشيمًا(١)، وإن كان من الصفات الدينية، فذلك مما لا ينبغي الفرح به؛ لأن الخاتمة غير معلومة، وخطرها باقٍ، ففي الخوف من أمرها ما يشغل عن الفرح بكل ما في الدنيا.
  وعلى كل حال، فالمادح: إن صَدَقَ، فلا وجه للفرح بمدحه، بل بالصفة التي مدح لأجلها، وهي من فضل الله عليك.
  وإن كذب، فينبغي أن يغمَّك ذلك، ولا تفرح به.
[معالجة المذموم نفسَه]
  وأما المذموم فليعالج نفسه باستحضار أن مَنْ ذَمَّهُ لا يخلو عن ثلاثة أوجه:
  أحدها: الصدق، وقصد النصح، فينبغي شكره، وتقلُّدُ مِنَّتِهِ(٢)، والفرح بقوله؛ فإن مهدي عيوبك إليك قد أرشدك إلى المهلكة لتتقيها.
(١) الهشيم: قال في الصحاح: الهشيم من النبات: اليابس المتكسر، والشجرة البالية يأخذها الحاطب كيف يشاء.
(٢) تقلد منته: أن تجعل ما امتنَّ به عليك من النصح كالقلادة في عنقك.