المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[النوع الثالث:] الرياء

صفحة 48 - الجزء 1

  فمن البعيد أن يجتهد فيه مع إرادة الاطلاع، فلو أنه خطر بباله محبة أن يطلع عليها، مع الاجتهاد في الكتم، فليس برياء؛ لأن الوساوس، وشهوات النفس، لا يمكن دفعها⁣(⁣١)؛ بل الواجب المدافعة، وقد دافع بتحري الكتم، هذا ما لم يقع منه سبب الاطلاع كرفع صوت بتلاوة ونحوه؛ فإن فَعَلَ فرياء.

فائدة: [حالات يحسن فيها إظهار الطاعة لمصلحة]

  وقد يحسن من العبد إظهار الطاعة لمصلحة: كأن يكون ممن يُقتدى به، فيكون الإظهار لذلك كالأمر بالمعروف.

  أو كأن يُتهم برذيلة، وهو منها بريء، وبإظهار الطاعة تزول التهمة؛ فإظهارها حينئذٍ كالنهي عن المنكر.

  وكأن يكون في الإظهار صحة توكيد توبته عند من اطلع منه على فعل معصية، وهذا لاحق بدفع التهمة.

  وكأن يكون في الإظهار نفوذ كلمته فيما يأمر به، وينهى عنه، وقرب الناس إلى إجابة دعوته؛ لإحياء حق، أو إماتة باطل.

  وكأن يكون في تركه الفعل وترك إظهاره نسبته إلى التقصير والاستهانة بالخيرات، كَـ: لو دخل جماعةٌ مسجداً، فتطوعوا بتحية المسجد، فإنه يحسن منه الدخول في مثل فعلهم، دفعًا


(١) قوله #: (لا يمكن دفعها)، أي: لا يمكن إزالتها بالكلية، بحيث لا يبقى شهوة ولا وسواس، وليس معناه: لا يمكن أن تدافعها فتصرفها أو تضعفها أو توجهها إلى ما يجوز، فهذا ممكن، والتكليف إنما هو في الصرف والحرف.