[القسم الأول سبب الغفلة عن الموت وعدم اختيار ما يفضي إلى السعادة الطويلة]
المقدمة
  وهي قسمان:
[القسم الأول سبب الغفلة عن الموت وعدم اختيار ما يفضي إلى السعادة الطويلة]
  الأول: في ذكر سبب الغفلة عن الموت، وعدم اختيار العقلاء - مع كمال عقولهم - ما يفضي بهم إلى السعادة الطويلة:
  اعلم أن الذي يقضي منه العجب حال الإنسان في غفلته عن الاهتمام بأمر الموت، وفي عدم الروعة منه، مع تيقن أن لا بد منه، وأنه في حال السعي إليه لا يَفْتُرُ(١) عن ذلك لحظة، قال بعض الأولياء: (ما رأيت يقينًا لا شك معه أشبه بالشك الذي لا يقين معه مثل الموت)(٢). وما هكذا حال كامل العقل والتمييز.
  عن ابن عباس، أنه كان إذا قرأ: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}[مريم ٨٤]، بكى، وقال: آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد فراق أهلك، آخر العدد دخول قبرك.
(١) لا يفتر: لا يسكن ولا يهدأ ولا يَكُفُّ.
(٢) روى الإمام الموفق بالله # في: الاعتبار وسلوة العارفين [٢٩٩] عن الحسن البصري: (ما رأيت يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت مع غفلتهم عنه، وما رأيت صدقاً أشبه بالكذب من قول بعض الناس: إنا نطلب الجنة مع عجزهم عنه).