[النوع الرابع:] المباهاة
  قلت: الخطر في مثل هذا عظيم، وقلَّ من يعرف ما في هذا الشأن من دقائق البوائق(١)، وقد يُلَبِّسُ(٢) الشيطان على الإنسان، فيخيل إليه أنه يفعل الفعل على الوجه الحسن، وهو في الحقيقة على الوجه المستقبح؛ لخبث الطبائع، وطموح الجبلة والغرائز إلى طلب الشرف والرفعة، فالحذر من الاغترار.
[في إظهار العالم علمه لغرض مواساته وسد حاجته]
  تنبيه: لو قصد بإظهار علمه بعث الناس على مواساته بما يقوم بعائلته، ويسد به فاقته، من الحقوق التي تسوغ له، أو من خالص الأموال، فالأقرب التحريم؛ لانخراطه في سلك التكسب بالطاعات، ويحتمل الجواز؛ إذا تعرى عن قصد الشرف كتجويز الانتصاب للقضاء لما يعود بسببه بما يقوم بمؤنته والأول أظهر.
[صور من المكاثرة]
  ومن المكاثرة: التفاخر بالآباء، والأولاد، والأجداد، والأقارب، الذين شَرُفُوا بالأمور الدنيوية، قال تعالى: {إِنَّ
(١) البوائق: جمع بائقة، وهي الداهية. ودقائق البوائق: ما غَمُضَ منها وخَفِيَ فلا يكاد يفهمه إلا الأذكياء.
(٢) التلبيس: خلط الأمر بغيره.
(١) أبو داوود [٤/ ٣٣١] برقم (٥١١٦)، الترمذي [٦/ ٢٢٨] برقم (٣٩٥٥).
(٢) المصابيح في السيرة لأبي العباس الحسني # [١٩١]. والسيوطي في معترك الأقران في إعجاز القرآن [٣/ ٨٤] والحاكم في المستدرك [٢/ ٦٠٤] برقم (٤٠٣٦).