المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[الخلق الرابع عشر:] الرجاء لله

صفحة 123 - الجزء 1

  وقد مدح الله خائفيه، وأثنى عليهم، بما فيه كثرة، وجعل خوفه من أوصاف أصفيائه الملائكة المقربين.

  ومن حكم أمير المؤمنين #: المأثورة عنه: (عليكم بخمس كلمات: لا يرجون أحدكم أحداً إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحي [يستحيين] إذا لم يعلم شيئاً أن يتعلم، ولا يستحي [يستحيين] إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، وعليكم بالصبر؛ فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد)⁣(⁣١).


= آخره. ومن خاف البيات أدلج: من خاف أن يوقع به عدوه وهو نائم ليلا لا يدري ما يمكن أن يحدث به في الظلام الذي يخفي ما يخشاه، ترك النوم وسار في الليل ليأمن عدوَّهُ ويصل إلى مأمنه، والمراد: أن من خاف الله تعالى عمل بمقتضى هذا الخوف من المبادرة بالتوبة والمسارعة في الأعمال الصالحة؛ فإنه لا يأمن بقاءه على قيد الحياة، فقد يعاجله الموت في أي لحظة.

(١) نهج البلاغة [الحكم: (٧٧)]. قال نجم آل الرسول # في الخوف: (أما ما هو: فمعرفة الذنب، وشهادة الرب. وأما كيف هو: فوجل القلب، ودمع العين؛ فإن لم تكن كذلك فلست بخائف فيما قد علمت، وأما الذي لم تعلمه فعليك منه الرهبة والتقوى، فإذا اتقيت الله لم يجدك حيث نهاك، وإذا خفته لم يفقدك حيث أمرك، فإن الله يراك، ويعلم سرك ونجواك، ويسمع كلامك، فهنالك ترهبه وتخافه حتى كأنك تراه. [مجموع الإمام القاسم الرسي: العالم والوافد (٢/ ٣٧٨)]. وعليه، فالمخوف: هو الذنب، وهو: إما ذنب واقعته، وإما ذنب لم تواقعه، فالأول: يلزمك منه التوبة، والثاني: يلزمك منه الاحتراز، والخوف في الأمرين متوقف على معرفة ما يكون ذنبا فتخافه، وما ليس بذنب فتأمن جانبه، وقبل معرفة الذنب معرفةُ الرب، وأنه عالم بك، شاهد لما تفعله. اللهم اجعلنا من العلماء الحلماء العاملين، الخاشين لك الخائفين منك الراجين لرحمتك، بحق محمد وآله ÷.