[مقدمة الإمام]
  بالمراد وافية؛ تتضمن قلَّةً في اللفظ، وسِعَةً في المعنى؛ ليسهلَ عليَّ ملازمة مطالعته في أكثر أوقاتي، واستصحابه في حضر وسفر، ومَلَاءٍ وخلاء(١)؛ عساه أن يخفف من عيوبي وآفاتي(٢).
  وجعلته مشتملاً على: مقدمة، وفصلين، وخاتمة.
  فالمقدمة: في ذكر سبب الغفلة عن الموت، وعدم اختيار العقلاء - مع كمال عقولهم - ما يفضي بهم إلى السعادة الطويلة.
  وذكر السبب في غفلة العبد حال قيامه لمناجاة ملك السموات والأرض، مع علمه أنه حاضر لديه، ورقيب عليه.
  وأما الفصلان:
  فالأول منهما: فيما ينبغي للعبد تجنبه من الأخلاق الذميمة.
  والثاني: فيما يليق به ملازمته من الطرائق القويمة.
  وأما الخاتمة: ففيما يصلح به الحال، ويحصل به الفوز في المآل: من ذكر أمهات المعاملة(٣)، وأنواعها، وتعدادها، وتفصيلها، ومن توظيف الوظائف الحسنة، وتوزيع الأوقات على المهمات، ومن إمعان النظر فيما ينجي من الخطر، الوارد في الخبر المشهور: «والمخلصون على خطر عظيم».
  والله سبحانه ولي التوفيق، والهداية إلى واضح الطريق.
(١) أي: في حال كوني مختلطا ومجتمعا بالناس، وفي حال كوني مختليا بنفسي.
(٢) الآفات: جمع آفة، وهي الفساد يعتري الشيء. والعيوب: جمع عيب، وهو ما يعاب به الإنسان؛ أي: يُنْتَقص به.
(٣) المعاملة: مفاعلة، وهي: عمل يشترك فيه فاعلان، والمعاملة نوعان: معاملة بينك وبين الخالق، ومعاملة بينك وبين المخلوق.