ومن خطبة له # في الاستسقاء:
  فلن تمسه النار»، ثم قال: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ}[محمد: ٢١](١).
  وروينا أنه لما قفل أمير المؤمنين # من صفين، وأكثر كثير من أصحابه والمحكّمة القول في الحكمين، أمر فنودي بالصلاة جامعة، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه محمد ÷، ثم قال: اللهم هذا مقام من فلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة، ومن نطف(٢) أو أوعث(٣) أو أسرف فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، نشدتكم الله، هل تعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم: نجيبهم إلى كتاب الله فقلت لكم: إنهم ليسوا بأهل دين ولا قرآن، ولقد صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا، وهم شرّ أطفال ورجال، امضوا على صدقكم وحقكم، فإنما رفعوا المصاحف خديعة ومكيدة، فرددتم قولي، وقلتم: لا بل نقبل منهم، فقلت لكم: اذكروا قولي لكم، ومعصيتكم إياي، وإذا أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين، أن يحييا ما أحيا القرآن، وأن يميتا ما أمات القرآن، لأنهما إن حكما بحكم القرآن لم يكن لنا خلاف على من حكم بما في القرآن، وإن أبيا كنا من حكمهما برآء، وكنا على رأس أمرنا، قالوا: أفعدل يحكم الرجال في الدماء، قال: إنا لسنا الرجال حكّمنا، إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما هو خط مخطوط مستور بين الدفتين، وإنما ينطق بحكمه الرجال، قالوا: فخبّرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك وبينهم؟ قال: ليعلم الجاهل، ويثبت(٤) العالم، ولعل الله يصلح في هذه المدة أمر هذه الأمة، ادخلوا مصركم فدخل أصحابه عن آخرهم.(٥)
(١) الأمالي ١٧٧ - ١٧٩.
(٢) نطف: اتهم بريبة وتلطخ بعيب، وفسد. قاموس ١١٠٨ مادة نطف.
(٣) أوعث: وقع في الوعث وأسرف في المال. قاموس ٢٢٧ مادة وعث.
(٤) في (ج): وينيب.
(٥) الأمالي ص ١٩٨.